أرجوزة الحجّ
أرجوزة الحجّ
قال أحمد بن عيسى الرَّادعي رحمه الله:
أول ما أبدأ من مقالي ... بالحمد للمنعم ذي الجلال
والمن والآلاء والإفضال ... والملك والجد الرفيع العالي
عدَّ خليلي كم مضت ليال ... من شهر ذي القعد مع شوال
ثم أنم بالكور على شملال ... عيدية أو قطم ذيَّال
قد دق منه موضع الحبال ... ثمّت ناد القوم بارتحال
فتيان صدق من بني أبيكا ... فإنهم أولى بما يعنيكا
واسرع القوم لما يرضيكا ... إني سأصفيك الذي أصفيكا
فاسمع إلى قولي إذا أوصيكا ... أوامرا أضعاف ما يوليكا
من تره يرغب ويزدد فيكا ... ثم ادع ربّا مالكا مليكا
فإنه أجدر أن يكفيكا ... وقل صحابي ارتحلوا وشيكا
قال وينشد:
فإنه أجدر من يكفيكا
يقول بعض العرب في عبد الملك: عبد المليك، قال ميمون بن حريز:
قلم يردي صخرة ملمومة ... ويجاري في العلا عبد المليك
حتى إذا هشوا إلى الرّحيل ... فإنهم بكور الميس والشليل
متن هجان هوجل مهيل ... لم يطمها قين على فصيل
ولم تعطّف قبل الأصيل ... على حوار لا ولا أفيل
(1/235)
____
ولم تضع للقطم الفحيل ... فالحش فالأغوال فالغليل
هذه خمسة مواضع بعروش رداع، مهيل أي يهيل من يراها، لم يطمها: لم يذمرها إذا طمت بالحوار.
بالأجرعين فحمى أكراب ... فالضمانين إلى الشَحباب
فأحرماً منها إلى الثَّعلاب ... مواطنا مكلئة الجناب
ثم إلى حبَّان ذي الحدّاب ... مصدرها عن مشرع الترحاب
ثم إلى غربيَّة الأنصاب ... ألف صفايا كرعان الحاب
جادلها محلولك السحاب ... بمتلئبٍّ غدق التَّسكاب
فهي علنداة عنود كلما ... هيَّجها الراعي إذا ترنما
شبهتها العير المصك المصدما ... جادلها الدلويُّ لما اثجما
واحتلب النوء السماك المرزما ... ببارق عال إذا تضرّما
أو راعد ديمّ ثم دمدما ... فاكتهل النبت به فأنعما
صفرا وحوذانا وبقلا منجما ... وصلِّياناً ونصيبّاً اسحما
هذه ضروب من النبت، وشبه الناقة بحمار الوحش.
هذاك مرعاها وطلح وغرز ... وثيّل حفت به ذات الحفز
وعقبة باقهر من ذات الشرز ... فالمتن قد دخس منها فاعترز
والكبر قد صعَّد علوا فنشز ... وأضمز الأخدع منها فضمز
وذابل المرفق أبدى فبرز ... بعضد لكاء0000 فاكتنز
فهي كسيد البيد عند المغتمز ... عجلى إذا الراكب في الغرز احتفز
شبه الناقة بحمار الوحش، والغرز ركاب الرحل والغرز حيث يهمز بعقبه، وأضمز طومن وضمزت الناقة على جرتها أطبقت لحييها، وذكر العضد ها هنا وقد أنثها في موضع ثان فقال بعضد لكَّاء، والسيد الذئب،
(1/236)
____
يقول كلما يغرز رجله في الرّحل تثب كما قال ذو الرمة:
حتى إذا ما استوى في غرزها تثب
ها تلك بالغادي أمام الركب ... كوماء قد أوفت تمام الحقب
في مرتع رغد وعيش رطب ... تستن في فىءّ فناء رحب
في مشرع عذب ومرعى خصب ... في ذاك لا تحنو لصوت السقب
إياك ادعوا فاستجب يا ربي ... أنت رجائي ثقتي وحسبي
وصاحبي في بعدي وقربي ... فاغفر لي الذنب وصاحب صحبي
المرتع المراد الذي ترتع فيه أي ترد، وتستن: تسوم يقال أعطوا الركاب اسننها ورتع في سنه قصده ومن ذلك سر على سننك أي سمتك والسنن الجري على ثبات، والحقب الوقت الطويل، والركب موضع.
أدعوك ياذا السؤود الممجد ... وذا العلا في عزه المؤبّد
من لم يزل قدما ولم ينفد ... ولم يلد ولداً ومن لم يولد
صل على الهادي النبي المهتدي ... على النبي المصطفى محمد
وابعثه ياذا المن يوم المشهد ... مقامه المحمود غير الأنكد
وأعطه من عزك المؤبد ... حظاً ممضاً لقلوب الحُسّد
واخلفه في عترته وآله ... رب ومن والاهم فواله
وزده إجلالاً على إجلاله ... وابسط عليه الرزق من حلاله
وأعطه منك الثرى في ماله ... رب ومن عاداهم فقاله
بفعله يا رب أو مقاله ... وخذه في العمياء من ضلاله
واحتل به يارب في احتياله ... وحل به يا رب عن مُحاله
(1/237)