• !
×

rasl_essaher

التكثف Condensation

التكثيف
مدخل
...
4-4-التكثف Condensation:
عوامل حدوثه ومظاهره:
المقصود بالتكثف هو تحول بخار الماء من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة أو بشكل جزيئات مائية دقيقة تظل عالقة بالهواء بسبب خفتها. ويحدث التكثف نتيجة لانخفاض درجة حرارة الهواء إلى أقل من درجة الندى بسبب أي عامل من العوامل الآتية:
1- فقدان الهواء لحرارته بالإشعاع أثناء الليل، وكلما كثرت المواد الصلبة العالقة بالهواء مثل ذرات الأتربة والدخان زادت سرعة فقدانه للحرارة؛ لأن هذه الذرات تفقد حرارتها بسرعة، شأنها في ذلك شأن الأجسام الصلبة بصفة عامة.
2- الإشعاع الأرضي الذي يؤدي إلى فقدان سطح الأرض، وما عليه من أجسام لحرارته أثناء الليل، مما يؤدي إلى برودة الهواء الملاصق له؛ فإذا حدث وانخفضت درجة حرارة هذا
(1/321)
____
الهواء إلى ما دون درجة الندى؛ فإن بخار الماء العالق به يبدأ في التكثف إلى ندى أو صقيع أو ضباب.
3- مرور الهواء الساخن المحمل ببخار الماء فوق سطح بارد مثل سطح الجليد، أو سطح مائي بارد؛ لأن هذا يؤدي إلى تكثف بعض بخار الماء الموجود به، وتحوله إلى ضباب تختلف كثافته باختلاف رطوبة الهواء ومدى الانخفاض الذي يطرأ على درجة حرارته.
4- ارتفاع الهواء إلى أعلى التربوسفير، وهذا العامل مهم جدًّا لأنه هو الذي يؤدي إلى تكوين السحب وسقوط الأمطار.
ويحدث ارتفاع الهواء نتيجة لعامل أو أكثر من العوامل الآتية:
أ- التصعيد الذي يحدث نتيجة لتسخين سطح الأرض والهواء الملاصق له بواسطة أشعة الشمس؛ مما يؤدي إلى قلة كثافة الهواء وارتفاعه إلى أعلى بشكل تيارات صاعدة.
ب- وجود حواجز جبلية تعترض طريق الرياح وتضطرها للارتفاع لكي تتمكن من اجتيازها.
ج- التقاء كتلة هوائية باردة بكتلة أخرى دافئة؛ فيرتفع هواء الكتلة الدافئة فوق هواء الكتلة الباردة.
ويتخذ بخار الماء الموجود في الجو عند تكثفه مظاهر مختلفة تتوقف على عدة عوامل. من أهمها نسبة الرطوبة التي بالهواء وكميتها، ثم مقدار الانخفاض الذي يطرأ على درجة حرارته، والمستوى الذي يحدث فيه التكثف. وعلى أساس هذا العامل الأخير يمكننا أن نقسم مظاهر التكثف المعروفة إلى مجموعتين: الأولى: تشمل المظاهر التي تحدث نتيجة لتكثف بخار الماء في أعلى التروبوسفير، ومن أشهرها السحب والأمطار والثلج والبرد، أما الثانية: فتشمل المظاهر التي تحدث نتيجة لتكثف بخار الماء فوق سطح الأرض "أو البحر" مباشرة، ومن أشهرها الضباب والندى والصقيع.
(1/322)
____
أولاً مظاهر التكثف عند سطح الأرض
الضباب
...
4-4-1-أولاً: مظاهر التكثف عند سطح الأرض أو البحر "الضباب-الندى-الصقيع".
أ- الضباب:
المقصود بالضباب هو بخار الماء المتكثف في الهواء المجاور لسطح الأرض بشكل جزيئات مائية صغيرة متطايرة بكميات يترتب عليها تقليل مدى الرؤية Visibility إلى أقل من كيلو متر واحد. وكثيرًا ما تكون الجزيئات المائية المكونة للضباب مختلطة بجزيئات دقيقة من الغبار أو الدخان العالق بالهواء، فيتكون في هذه الحالة نوع غير نظيف من الضباب. ومن أشهر الأمثلة عليه الضباب الذي يتكون في المناطق الصناعية التي يكثر فيها تصاعد الدخان من المصانع، والذي يشتهر في بريطانيا باسم Smog وهي كلمة مركبة من مقطعين مأخوذين من كلمتي Smoke "دخان" و Fog "ضباب".
ويعتبر هذا الضباب الدخاني من أهم ملوثات الهواء في مناطق تكاثره.
ويختلف الضباب في كثافته على حسب كمية بخار الماء المتكثف؛ فمنه ما يكون كثيفًا جدًّا بدرجة تمنع الرؤية إلى أبعد من بضعة أمتار، وهذا هو أخطر أنواع الضباب لأن جميع وسائل النقل والمواصلات تقريبًا تتعرض أثناءه لكثير من الحوادث؛ فالطائرات مثلًا على الرغم من أنها تطير عادة على ارتفاع كبير فوق مستوى الضباب؛ فإنها تتعرض عند هبوطها لحوادث تصادم خطيرة نتيجة لعدم رؤية الطيارين لسطح الأرض، ومن الضباب ما يكون خفيفًا جدًّا بحيث يمنع الرؤية إلى مسافات بعيدة فقط، أي إلى أبعد من كيلو متر واحد، وهذا النوع الخفيف هو الذي يشتهر باسم الشابورة Mist وهو النوع الذي يشاهد في مصر أحيانًا، في موسم الفيضان وفي الخريف؛ حيث يظهر في الصباح المبكر، ولكنه لا يلبث أن يختفي بتأثير أشعة الشمس التي تحوله إلى بخار مرة أخرى.
(1/323)
____
ضباب البر Land Fog:
ينشأ هذا الضباب فوق اليابس نتيجة لعدة عوامل، من أهمها انتقال هواء دافئ إلى منطقة سطحها أبرد منه نسبيًّا، كما يحدث في فصل الشتاء عندما ينتقل هواء بحري دافئ إلى اليابس الذي يكون باردًا نسبيًّا، أو ما يحدث عند تحرك هواء بحري دافئ إلى اليابس الذي يكون باردًا نسبيًّا، أو ما يحدث عند تحرك هواء دافئ نسبيًّا فوق سطح مغطى بالجليد، وقد يتكون الضباب كذلك فوق سطح الأرض في الليالي الصافية التي تعقب أيامًا حارة صحوة نتيجة لسرعة فقدان سطح الأرض لحرارته بالإشعاع أثناء الليل. ويساعد وجود ذرات الأتربة والدخان في الجو على تكون الضباب لأن هذه الذرات تكون بمثابة نوايات يتكثف فوقها بخار الماء. وهذا ما يحدث عادة في المدن الصناعية التي يكثر في جوها الدخان.
ومن الشروط الواجب توافرها لتكون الضباب أن يكون الجو ساكنًا تقريبًا؛ لأن الرياح السريعة تعمل على تشتيت بخار الماء المتكثف. ولهذا فإنه لا يتكون غالبًا إذا كانت سرعة الرياح أكثر من ثلاث عقدات في الساعة. كما أنه لا يتكون إذا كانت هناك تيارات هوائية صاعدة، وحتى إذا فرض وكان الضباب موجودًا بالفعل فإن سرعان ما يتلاشى إذا ظهرت هذه التيارات في الهواء أو إذا ازدادت سرعة هبوب الرياح. ومما يشترط لتكوين الضباب أيضًا أن يكون الهواء محملًا بنسبة عالية من الرطوبة.
ويتكون الضباب أحيانًا في قاع الوديان في آخر الليل وفي الصباح المبكر؛ لأن قاع الوديان يكون عندئذ أبرد نسبيًّا من المنحدرات التي حوله. والسبب في ذلك هو أن الهواء الذي يبرد على هذه المنحدرات يميل دائمًا للهبوط نحو المنخفضات بسبب ازدياد كثافته، ويكون ضباب الوديان غالبًا أشد كثافة من ضباب الأرض المسطحة.
ضباب البحر Sea Fog:
يظهر هذا الضباب عندما يمر هواء دافئ فوق سطح مائي بارد نسبيًّا، ويحدث ذلك مثلًا عندما يلتقي تياران مائيان أحدهما بارد والآخر دافئ، كما هي الحال في شمال غرب المحيط الأطلسي؛ حيث يلتقي تيار
(1/324)
____
الخليج الدافئ بتيار لبرادور البارد حول جزيرة نيوفوندلاند؛ فهنا تتكون طبقة كثيفة من الضباب نتيجة لانتقال الهواء الدافئ الرطب من فوق سطح تيار الخليج الدافئ إلى سطح تيار لبرادور البارد.
ويكثر هذا النوع من الضباب في المناطق البحرية المتاخمة لسواحل جنوب غرب إفريقية وشيلي وبيرو ومراكش وكاليفورنيا. والسبب في ذلك هو برودة مياه هذه المناطق خصوصًا في الأجزاء المجاورة للساحل مباشرة فإذا ما تحرك الهواء من ناحية البحر إلى اليابس أثناء النهار "نسيم البحر"؛ فإنه يمر قبل وصوله إلى الشاطئ على سطح المياه الباردة؛ فيتكثف ما به من بخار الماء ويظهر على شكل ضباب كثيف. وقد يتوغل هذا الضباب عدة كيلو مترات فوق اليابس؛ ولكنه سرعان ما يتلاشى؛ خصوصًا في الأيام الحارة، وقد يصل عدد الأيام والتي يظهر فيها الضباب على بعض هذه الشواطئ إلى 15 يومًا في العام، أما السبب في برودة مياه البحر بالقرب من هذه السواحل فيرجع إلى عاملين هما:
1- وجود التيارات المائية الباردة التي تمر بها ومن أشهرها تيار بنجويلا في جنوب غرب إفريقية، وتيار بيرو في غرب أمريكا الجنوبية، وتيار كاليفورنيا في غرب أمريكا الشمالية.
2- أن الرياح السائدة في هذه المناطق تهب من اليابس نحو البحر؛ ولذلك فإنها تدفع أمامها الطبقة السطحية من الماء بعيدًا عن الشاطئ، فتكشف بذلك المياه التي تحتها، وهي عادة أشد برودة منها.
ويلاحظ أن ضباب البحر لا يمكن أن ينشأ نتيجة لفقدان الحرارة بالإشعاع كما هي الحال في ضباب البر، وذلك لأن مدى التغير اليومي للحرارة فوق البحر أقل بكثير منه فوق اليابس. ويختلف سمك طبقة الضباب اختلافًا كبيرًا من مكان إلى آخر؛ ولكن الضباب البحري يكون عادة أقل سمكًا من الضباب البري، وكثيرًا ما يحدث أن تكون طبقة الضباب البحري قليلة الارتفاع لدرجة أن أطراف الساريات المرتفعة لبعض السفن تظهر بارزة فوقها.
(1/325)
____
الضباب ومدى الرؤية:
المقصود بمدى الرؤية Visibility هو أطول مسافة يمكن أن يمتد إليها نظر الشخص العادي في اتجاه أفقي ليرى المعالم الكبيرة على سطح الأرض مثل الجبال والمباني العالية والمآذن. ويبلغ مدى الرؤية أقصاه في الجو الصافي حيث يصل في المتوسط إلى ستة كيلو مترات. وتعتبر الرؤية رديئة إذا نقص مداها عن كيلو مترين. وقد ينخفض مداها أثناء الضباب الكثيف إلى الصفر. ونظرًا لأهمية الرؤية بالنسبة لجميع المواصلات؛ فإن محطات الأرصاد تذيع بانتظام اليبانات الخاصة بها ضمن نشراتها اليومية.
(1/326)
____
ب- الندى Dew:
المقصود بالندى هو قطرات الماء التي تتكون أثناء الليل، وخصوصًا في ساعاته الأخيرة، على أجسام السيارات وزجاج النوافذ وأوراق الأشجار، وكثير من الأجسام الأخرى المعروضة للجو. والسبب في تكونها هو أن هذه الأجسام الصلبة تبرد أثناء الليل، أسرع من الهواء المجاور لها؛ فإذا ما هبطت درجة حرارتها إلى درجة الندى الخاصة بالهواء الملاصق لها أو دونها فإن جزءًا من بخار الماء يتكثف على سطحها بشكل نقط مائية صغيرة يزداد تراكمها كما زاد انخفاض درجة الحرارة.
ويساعد على تكون الندى عدة عوامل أهمها:
1- صفاء الجو:
لأن هذا الصفاء يساعد على سرعة فقدان الأرض وما عليها من أجسام صلبة لحرارتها بالإشعاع، ولهذا فإن الندى يكثر دائمًا في أواخر الليالي الصافية. ويبقى على الأجسام حتى يتبخر بعد الشروق.
2- سكون الهواء:
أو بطء حركته لأن هذا السكون يعطي فرصة لتكثف البخار وتراكم جزيئاته المتكثفة فوق الأجسام.
3- انخفاض درجة حرارة الأجسام:
المعروضة للجو إلى أقل من درجة الندى.
(1/326)
____
ج- الصقيع Frost:
المقصود بالصقيع بمعناه الضيق هو تحول بخار الماء العالق بالهواء أثناء الليل إلى بلورات صغيرة من الثلج فوق النباتات والأجسام الصلبة المعرضة للهواء بسبب هبوط درجة الحرارة بشكل فجائي، أو خلال وقت قصير إلى درجة التجمد أو دونهما، وكثيرًا ما يؤدي الهبوط الحراري المفاجئ إلى تحول البخار إلى ثلج مباشرة، وفي هذه الحالة يكون خطر الصقيع على النباتات أشد من خطره المعتاد.
ولكن من الملاحظ أن كلمة صقيع أصبحت تستخدم في الوقت الحاضر بمعنى أوسع من معناها الأصلي السابق؛ إذ أنها أصبحت تطلق على أي هبوط حراري سريع إلى درجة التجمد أو دونها، حتى ولو لم يؤد هذا الهبوط إلى تكون الثلج.
(1/327)
____
ثانياً التكثف في أعلى التروبوسفير
السحب
...
4-4-2- التكثف في أعلى التروبوسفير.
1- السحب CLOUDS.
هي تجمعات من بخار الماء المتكثف
في الجو بشكل قطيرات مائية دقيقة، وقد تختلط بها جزيئات دقيقة كذلك من الثلج إذا كانت درجة الحرارة في مستوى السحب دون درجة التجمد. وقد يكون السحابة كلها مكونة من هذه الجزيئات الثلجية.
ولا تختلف السحب المكونة من قطيرات مائية في مظهرها وتركيبها العام كثيرًا عن الضباب، والفارق الرئيسي بينهما هو أن السحب تتكون في طبقات من الجو متباينة الارتفاع من سطح الأرض؛ بينما يتكون الضباب فوق سطح الأرض أو البحر مباشرة. والذي يتيسر له الصعود في طائرة تخترق طبقة السحاب يلاحظ أن السير فيها لا يختلف في أي شيء عن السير في الضباب على الأرض
(1/327)
____
ترتفع الطائرات فوق مستوى السحب فتطير في جو صاف تمامًا، وعندئذ يمكن رؤية السحب تسبح في الهواء من تحتها.
ومن أهم ما يتميز به السحاب عن الضباب أيضًا؛ أن الأول يتكون في كثير من الأحيان نتيجة لنشاط التيارات الهوائية الصاعدة في الجو، وقد سبق أن أشرنا عند الكلام على الضباب إلى أن التيارات الصاعدة تعتبر من العوامل التي تحول دون تراكمه، وإذا حدث أن نشطت هذه التيارات بعد تكونه؛ فإنها إما أن تبدده تمامًا، أو ترفعه إلى أعلى حيث يتحول إلى سحاب.
وللسحب تأثير مهم على المناخ؛ لأنها هي مصدر الأمطار والثلوج التي تسقط نحو الأرض، كما أنها تؤثر على الإشعاع الشمسي والأرضي، وتحدد مقدار ما ينفذ بواسطتهما من حرارة الشمس إلى الأرض، أو من حرارة الأرض إلى الطبقات العليا من الجو؛ فهي أثناء النهار تحجب جانبًا من حرارة الشمس عما يقع تحت ظلها من سطح الأرض، أما أثناء الليل فإنها تكون بمثابة غطاء يحول دون وصول الإشعاع الأرضي إلى طبقات الجو العليا؛ فتحفظ الأرض وطبقة الهواء المحصورة بينها وبين قاعدة السحب بمعظم حرارتها.
وللسحب كذلك تأثير هام على حياة النبات والحيوان والإنسان؛ لأنها تحجب ضوء الشمس الذي يعتبر ضرورة من أهم ضرورات الحياة؛ ففي بعض جهات شمال وغرب أوروبا مثلًا تنتشر بعض الأمراض التي يصاب بها الإنسان نتيجة لنقص أشعة الشمس، ومنها مرض الكساح عند الأطفال "لين العظام" ويرجع ذلك بصفة خاصة إلى كثرة احتجاب الشمس بواسطة السحب في معظم أيام السنة، خصوصًا في نصف السنة الشتوي. ويستعان على تعويض هذا النقص بتعاطي بعض الأدوية التي تحتوي على فيتامين "D" الذي تساعد أشعة الشمس على تكوينه في الجسم1 وبالنسبة لحياة النباتات نلاحظ أن كثرة ضوء الشمس في بعض المناطق تساعد على سرعة نمو ونضج بعض المحاصيل؛ فمما لا شك فيه أن وفرة ضوء الشمس أثناء فصل الصيف في العروض العليا هي العامل الرئيسي الذي
__
1 يعتبر زيت السمك من أشهر هذه الأدوية لأنه يحتوي على نسبة كبيرة من فيتامين "D".
(1/328)
____
ساعد كلًا من كندا وروسيا على زراعة بعض محاصيل المناطق المعتدلة في أراضيهما الواقعة إلى الشمال من الدائرة القطبية، على الرغم من قصر فصل النمو هناك.
توزيع السحب في العالم:
من الممكن توزيع السحب في العالم بواسطة خرائط تبين عليها المعدلات الشهرية والسنوية كما هي الحال في توزيع الظاهرات المناخية الأخرى، ويكون ذلك برسم خطوط تصل بين الأماكن ذات الكمية المتساوية من السحب.
ومن خرائط التوزيعات المختلفة يمكننا أن نسجل بعض الملاحظات العامة على توزيع السحب فوق سطح الكرة الأرضية منها:
1- أن المناطق الصحراوية في القارات المختلفة، مثل الصحراء الكبرى، وصحاري بلاد العرب وأستراليا وغيرها هي أقل جهات العالم نصيبًا من السحب.
2- أكثر الجهات سحبًا في نصف الكرة الشمالي هي شمال أوروبا وشمال المحيطين الهادي والأطلسي.
3- تقل السحب نوعًا ما في المناطق القطبية، والسحب التي يمكن أن تظهر هنا كلها من النوع الخفيف نظرًا لقلة بخار الماء في الجو، ويعتبر هذا من العوامل التي ساعدت على وفرة ضوء الشمس أثناء فصل الصيف في هذه المناطق.
4- في الأقاليم الموسمية تكثر السحب في موسم الأمطار؛ ولكنها تكاد تنعدم تمامًا في موسم الجفاف الذي يقع في نصف السنة الشتوي.
5- في وسط أوروبا تكثر السحب في فصل الصيف وتقل في الشتاء؛ بينما يحدث العكس في حوض البحر المتوسط.
6- تكثر السحب في الأقاليم الاستوائية، ويكون ذلك غالبًا فيما بعد الظهر من كل يوم نتيجة لنشاط التيارات الصاعدة.
(1/329)
____
ويمكننا أن نلاحظ -بناء على التوزيع السابق- أن موسم ازدياد السحب في الأقطار المختلفة هو نفس موسم زيادة الأمطار، هذا أمر طبيعي لأن الظاهرتين مرتبطتان تمام الارتباط.
(1/330)
____
ب- الأمطار "التساقط".
تمهيد:
رغم أن المقصود بالمطر بمعناه الضيق هو سقوط بخار الماء الذي يتكثف في أعلى التروبوسفير نحو الأرض على شكل نقط مائية؛ فإن الإحصائيات المختلفة التي تنشرها محطات الأرصاد الجوية عن الأمطار. لا تدل غالبًا على ما يسقط من بخار الماء المكثف بهذه الصورة وحدها؛ بل إنها تشمل كذلك كل أشكال التساقط الصلب، وأهمها الثلج والبرد، ولهذا السبب نجد أن كثيرًا من الكتاب يفضلون استخدام كلمة Precipitation أي التساقط أو الهطول بدلًا من كلمة Rainfall.
ويعتبر التساقط "أو الأمطار" بمعناها العام من أهم عناصر المناخ التي يجب أن توجه إليها عناية خاصة؛ لأنها هي الأساس الذي لا يمكن أن يقوم بدونه أي نوع من أنواع الحياة في العالم، وذلك فضلًا عن أهميتها في تشكيل سطح الأرض نفسه وما عليه من مظاهر تضاريسة وجيومورفولوجية مختلفة.
ومن الطريف أن نشير هنا إلى أن علماء الطبيعة استطاعوا أخيرًا أن يسقطوا بعض الأمطار بطريقة صناعية؛ وذلك بأن تقوم الطائرات ببذر السحب المحملة ببخار الماء بجزيئات من الثلج، أو بثاني أكسيد الكربون في حالته الصلبة؛ حيث يؤدي ذلك إلى خفض درجة الحرارة وتكثف بخار الماء الموجود في تلك السحب، ثم سقوطه على شكل مطر؛ إلا أن هذه الطريقة لم تظهر لها حتى الآن نتائج عملية تذكر، وذلك لكثرة الصعوبات التي تعترضها، ومنها أنه ليس من الممكن تحديد المكان الذي يسقط عليه المطر بالضبط؛ ففي أغلب التجارب كان المطر يسقط في أماكن غير الأماكن التي حددت له، ويرجع ذلك بصفة خاصة إلى عدم ثبات السرعة التي تتحرك بها السحب، فضلًا عن عدم إمكان تحديد الوقت الذي يمر بين بذر السحب بثاني أكسيد الكربون أو جزيئات الثلج وبين حدوث
(1/330)
____
عملية التكثف وسقوط المطر، ولهذا فإن موضوع "المطر الصناعي" الذي بدأنا نقرأ عنه كثيرًا في السنوات الأخيرة ما زال حتى الآن من الموضوعات التي لم تخرج بعد من دور التجربة، ولن تكون له نتائج عملية كبيرة على الأقل في الوقت الحاضر.
أسباب سقوط المطر وأنواعه:
تسقط الأمطار نتيجة لانخفاض درجة حرارة الهواء المحمل ببخار الماء في الطبقات العليا من التروبوسفير إلى ما دون نقطة الندى؛ لأن هذا الانخفاض يؤدي إلى تكثف البخار على شكل ذرات مائية صغيرة، تتكون منها السحب التي تبقى سابحة في الجو حتى إذا ما وصلت إلى مناطق أو مستويات أشد برودة من المناطق أو المستويات التي أتت منها، بدأت هذه الذرات الصغيرة في التجمع بعضها مع بعض؛ فتتكون منها نقطة كبيرة نسبيًّا تبدأ في السقوط نحو الأرض مكونة المطر المعروف الذي يختلف في غزارته من وقت إلى آخر، ومعنى ذلك أن هناك شرطين رئيسيين لسقوط الأمطار هما:
1- أن يكون الهواء محملًا بكمية مناسبة من بخار الماء، وكلما زادت هذه الكمية ساعد ذلك على كثرة المطر.
2- أن يرتفع هذا الهواء إلى أعلى حتى تنخفض درجة حرارته إلى ما دون نقطة الندى.
وقد سبق أن ذكرنا أن ارتفاع الهواء إلى أعلى الجو قد يحدث نتيجة لأحد عوامل ثلاثة هي: التصعيد نتيجة لتسخين سطح الأرض، أو اعتراض الجبال طريق الرياح، أو صعود الهواء الدافئ فوق الهواء البارد عند تقابلها. وعلى أساس هذه العوامل الثلاثة يقسم المطر إلى ثلاثة أنواع هي:
1- مطر التصعيد وهو يوجد بصفة خاصة في السهول وعلى الهضاب الاستوائية وفي المناطق الصحراوية.
(1/331)
____
2- مطر التضاريس وهو يسقط حيثما تواجه الرياح الرطبة جبالًا مرتفعة؛ حيث يسقط أغلب مطرها على المنحدرات المواجهة لهبوبها؛ بينما يقل أو ينعدم على المنحدرات المقابلة لها.
3- مطر الأعاصير وهو يسقط عند حدوث الأعاصير سواء في الأقاليم المعتدلة أو الأقاليم الحارة، وتنتمي إليه معظم الأمطار الشتوية في أوروبا وحوض البحر المتوسط والدول العربية في شمال إفريقيا وغرب آسيا.
وعلى الرغم من أن كل نوع من هذه الأنواع له أسبابه ومميزاته الخاصة؛ فإن أيًّا منها لا يظهر مستقلًا تمامًا عن النوعين الآخرين، وكثيرًا ما يوجد أكثر من نوع واحد في المنطقة الواحدة، وكل ما هنالك هو أن أحد الأنواع يكون سائدًا على غيره.
التساقط الصلب "أو المطر المتجمد":
بالإضافة إلى الشكل السائل المعتاد للمطر؛ فإن المطر في الأقاليم الباردة يكون في كثير من الأحيان بشكل صلب، أو بشكل مختلط من السائل والصلب. وهناك شكلان رئيسيان للتساقط الصلب وهما: الثلج Snow والبرد Hail، أما التساقط المختلط بين الصلب والسائل فيطلق عليه تعبير Sleet.
وعلى الرغم من الفروق الواضحة بين الشكل السائل للمطر وأشكاله الصلبة؛ فإنها جميعًا تدخل في إحصائيات المطر بعد أن تحسب كميات التساقط الصلب على أساس ما يمكن أن تنتج عن انصهاره من ماء. كما سنبين عند كلامنا على قياس المطر بعد قليل. وفيما يلي شرح للشكلين الرئيسين للتساقط الصلب وهما الثلج والبرد.
الثلج Snow:
وهو عبارة عن بلورات رقيقة جدًّا من الثلج لا يزيد قطر الواحدة منها غالبًا على بوصة واحدة، وهي تسقط نحو الأرض كما تسقط الأمطار تمامًا،
(1/332)
____
ولكن نظرًا لخفتها فإنها تتطاير مع الهواء، ويكون منظرها أشبه بأهداب الريش الأبيض، وتأخذ عند سقوطها أشكالًا متباينة كما في شكل "121".
شكل "121" بعض الأشكال التي تأخذها بلورات الثلج
ويسقط الثلج نتيجة لانخفاض درجة الحرارة في طبقات الجو التي تسبح فيها السحب إلى ما دون درجة التجمد، ويحدث ذلك بكثرة في المناطق الباردة؛ حيث يؤدي سقوط الثلج بكثرة في بعض البلاد إلى تغطية الأرض وما عليها من أجسام بطبقة عظيمة منه يزيد سمكها في بعض المواضع على بضعة أمتار. وتكون هذه الطبقة هشة في أول الأمر؛ ولكنها سرعان ما تتماسك بسبب ثقل الثلج فتحول إلى طبقة الجليد "Ice" وهو المادة الصلبة المعروفة، وليست الأنهار الجليدية التي تشتهر بها البلاد الجبلية في الأقاليم المعتدلة والباردة وكذلك غطاءات الجليد العظيمة التي توجد في المناطق القطبية إلا طبقات من الثلج الذي تراكم على مر السنين وتصلب بسبب ثقله وتكدسه.
ومن الممكن أن يتكون الثلج في أعلى التروبوسفير في الأقاليم الدافئة والحارة، ولكنه في هذه الحالة لا يصل غالبًا إلى سطح الأرض لأنه ينصهر عند سقوطه بسبب ارتفاع درجة حرارة الهواء بصفة عامة خصوصًا في طبقاته السفلى.
البرد Hail:
وهو عبارة عن كرات صغيرة من الجليد تتساقط على شكل أمطار عند حدوث عواصف الرعد. ويبلغ قطر الواحدة منها في المعتاد حوالي سنتيمتر
(1/333)
____
ونصف، ولو أن بعضها يزيد قطره عن ذلك كثيرًا؛ بحيث يصل أحيانًا إلى عشرة سنتيمترات أو أكثر. وتتكون هذه الكرات نتيجة لتكثف بخار الماء في داخل سحب المزن الركامي التي تتراكم نتيجة لنشاط التيارات الهوائية الصاعدة، ويتكثف البخار أولًا إلى نقطة مائية؛ فإذا كانت درجة الحرارة في داخل السحابة أقل من درجة التجمد؛ فإن هذه النقطة تتحول إلى كرات صغيرة من الثلج، ويأخذ حجم هذه الكرات في الازدياد تدريجيًّا؛ لأنها عندما تبدأ في السقوط نحو الأرض تعود فترتفع مرة أخرى بتأثير التيارات الهوائية الصاعدة التي تحملها ثانية إلى داخل السحب، فتتكثف حولها طبقة جديدة، وبتكرار هذه العملية يتزايد عدد الطبقات التي تتراكم على الكرة الأصلية؛ بحيث يصل أحيانًا إلى 20 طبقة، وأخيرًا تسقط الكرات بفعل ثقلها نحو سطح الأرض، وقد يكون سقوطها بكميات كبيرة وبسرعة عظيمة تؤدي إلى تلف كثير من المحاصيل.
ومما سبق يتبين لنا أن هناك عدة شروط يجب توافرها لظهور البرد وهي:
1- انخفاض درجة الحرارة في طبقات الجو التي توجد بها السحب إلى ما دون درجة التجمد.
2- وجود تيارات هوائية صاعدة يترتب عليها حدوث عواصف رعدية كما يحدث كثيرًا في المناطق الاستوائية والمعتدلة. ونظرًا لعدم وجود تيارات هوائية صاعدة في الأقاليم القطبية؛ فإن ظهور البرد فيها يعتبر من الظاهرات النادرة جدًّا.
3- عدم ارتفاع درجة حرارة الطبقات السفلى من الهواء بشكل يؤدي إلى انصهار كرات الثلج قبل وصولها إلى سطح الأرض، كما يحدث عادة في الأقاليم الاستوائية؛ فرغم نشاط التيارات الصاعدة هناك واحتمال تكون البرد في طبقات الجو العليا؛ فإنه لا يصل إلى سطح الأرض بسبب شدة الحرارة في طبقات الجو السفلى.
(1/334)
____
وهكذا نجد أن المناطق القطبية والمناطق الاستوائية تخلو من البرد خلوًّا تامًّا تقريبًا، وفيما عدا ذلك يحتمل أن يظهر البرد في أي منطقة أخرى من العالم؛ ولكنه يكثر بصفة خاصة على الهضاب كما هي الحال فوق القسم الجنوبي من هضبة أفريقية الجنوبية، التي تتعرض أثناء فصل الصيف لسقوط البرد بشكل يؤدي أحيانًا إلى حدوث خسائر كبيرة، وفي الهند يسقط البرد بكثرة في شهر مايو، وفي مصر يظهر البرد أحيانًا في فصلي الخريف والشتاء أثناء عواصف الرعد.
شكل "122" كرات من البرد ذات أحجام أكبر من المعتاد
"لاحظ الطبقات التي تظهر بوضوح في بعضها"
قياس المطر "أو التساقط":
تستخدم في قياس المطر أجهزة خاصة وأبسطها وأكثرها انتشارًا هو الجهاز التقليدي Rain gauge المستخدم في أغلب محطات الأرصاد. وأهم أجزائه هي أسطوانة معدنية قطرها المعتاد حوالي 20 سنتيمترًا وبداخلها قمع مركب فوق إناء لجمع الماء، ومخبار مدرج لقياس الماء المتجمع. وقد يوضع المخبار داخل الأسطوانة بدلًا من الإناء بحيث يتجمع فيه ماء المطر مباشرة. ويوضع هذا الجهاز
(1/335)
____
دائمًا في العراء. ويدل ارتفاع الماء الذي يتجمع في المخبار على كمية المطر التي سقطت وهي تحسب إما بالملليمترات أو بالبوصات.
وقد ظهرت من هذا الجهاز أنواع منقحة يمكن أن تسجل بواسطتها كمية المطر الساقطة بطريقة آلية. وهناك نوعان من هذه المسجلات النوع الأول منها يعرف باسم Tipping bucket gauge أي الجهاز ذو الدلو المائل. وهو دلو صغير موضوع بميل بحيث يمكنه أن يفرغ نفسه آليًّا كلما تجمع فيه مقدار من المطر يعادل ربع ملليمتر، وتؤدي حركته عند التفريغ إلى توصيل دائرة كهربائية يتحرك بمقتضاها ذراع في طرفه سن ريشة تبين به كل مرة من مرات التفريغ على لوحة خاصة. ويمكن على هذا الأساس حساب مجموع كمية المطر التي سقطت.
شكل "123" جهاز قياس المطر، ويتكون من:
أ- إناء معدني يتجمع فيه ماء المطر
ب- مخبار تقاس بواسطته كمية الماء المتجمعة
أما النوع الثاني فيعرف باسم Weighing- type gauge وهو مزود بميزان خاص يمكنه أن يزن بطريقة آلية أي كمية من المطر يستقبلها الجهاز، ويسجل الوزن بطريقة آلية كذلك على لوحة خاصة بواسطة سن ريشة مثبت في نهاية ذراع يتحرك تبعًا للوزن الذي يبينه الميزان.
(1/336)
____
وتحسب عند قياس المطر كل مظاهر التساقط من السحب؛ سواء كانت سائلة أو صلبة "ثلج أو برد". وعند قياس التساقط الصلب يرفع القمع والمخبار من جهاز القياس بحيث تبقى الأسطوانة المعدنية وحدها ليتجمع فيها هذا التساقط. وبعد ذلك تضاف كمية معروفة من الماء الدافئ فوق الثلج المتجمع لتساعد على انصهاره. ثم تصب المياه كلها في المخبار لمعرفة كميتها بعد أن تخصم منها كمية المياه الدافئة.
توضيح توزيع المطر على الخرائط
يوضح هذا التوزيع بواسطة خطوط تعرف باسم خطوط المطر المتساوي Isohyets وهي تشبه في طريقة رسمها تقريبًا خطوط الحرارة المتساوية وخطوط الضغط المتساوي، ولكن مع فارق أساسي وهو أننا عند رسم خطوط المطر لا نحتاج إلى تعديل الأرقام التي تسجلها المقاييس لكي تمثل الحالة عند سطح البحر؛ بل يجب أن توضع هذه الأرقام على الخريطة بدون تعديل.
والمألوف في رسم خطوط المطر المتساوي هو أن تظلل المناطق التي يكون لها معدل واحد تقريبًا في فترة معينة "ولتكن شهرًا أو سنة" تظليلًا واحدًا أو تلون بلون واحد؛ بحيث لا يكون هناد داع لوضع أي أرقام على الخريطة نفسها لتمييز الخطوط بعضها عن بعض، كما نفعل عادة عند رسم خطوط الضغط وخطوط الحرارة؛ بل يكتفى بعمل دليل للخريطة تبين بواسطته مدلولات الألوان المختلفة أو الدرجات المتفاوتة من التظليل. واللون الذي يستخدم عادة في الأطالس وخرائط الحائط للدلالة على الأمطار هو اللون الأزرق. وكلما كان اللون غامقًا دل ذلك على كثرة الأمطار، أما الأقاليم عديمة المطر فتلون غالبًا باللون البني الفاتح أو الأصفر الباهت.
العوامل التي تتحكم في توزيع الأمطار:
تبين الخريطة شكل "124" توزيع المعدلات السنوية للأمطار في العالم، ويمكننا بمجرد النظر إليها أن ندرك أن الأمطار لا تخضع في توزيعها على سطح الأرض لعامل واحد؛ بل إنها تتأثر بعوامل كثيرة أهمها:
(1/337)
____
شكل "124" توزيع المعدلات السنوية للأمطار في العالم
(1/338)
____
1- وجود المسطحات المائية: فالمناطق التي تحيط بها بحار واسعة تكون في العادة أكثر مطرًا من المناطق البعيدة عن البحار، ويرجع ذلك إلى أن الهواء في المناطق الأولى يكون أكثر رطوبة من الهواء في المناطق الثانية؛ وذلك على فرض تساويهما في درجة الحرارة ونظام التضاريس.
2- ارتفاع درجة الحرارة: فهذا الارتفاع يساعد على نشاط عملية التبخر وازدياد الرطوبة في الهواء؛ فضلًا عن أنه يساعد على نشاط حركة التيارات الصاعدة.
3- مظاهر التضاريس: فالمناطق الجبلية تكون عادة أكثر مطرًا من السهول، وتكون المنحدرات المواجهة لهبوب الرياح دائمًا أغزر مطرًا من المنحدرات الأخرى، وكثيرًا ما يؤدي وجود سلاسل جبلية مرتفعة إلى ظهور مناطق صحراوية في السهول المجاورة لها.
4- اتجاه الرياح ونوع الهواء الذي تأتي به: فالرياح التي تهب من ناحية البحر تساعد على سقوط الأمطار، على العكس من الرياح التي تهب من ناحية اليابس، والرياح التي تهب من بحار دافئة أو تمر على تيارات بحرية حارة تكون أكثر مطرًا من الرياح التي تهب من بحار أو تمر على تيارات مائية باردة.
نظم المطر Rainfall Regimes
المقصود بنظام المطر هو كيفية توزيعه على أشهر وفصول السنة. وهو يتضمن بالضرورة معرفة معدلاته السنوية والشهرية، والعوامل التي لها دخل في سقوطه وغزارته وأنواعه وأشكاله ومدى انتظامه أو تذبذبه.
(1/339)
____
وتبين الخريطة "125" التوزيع الفصلي العام للأمطار على سطح اليابس بصورة مبسطة. وفيها يتضح أن الأقاليم الممطرة تنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:
1- أقاليم ممطرة طول العام
وتوجد عمومًا على امتداد خط الاستواء، وفي المناطق المطلة على المحيطات في شرق القارات وخصوصًا في الجزر والمناطق الساحلية في العروض المدارية، وكذلك في أوروبا وعلى السواحل الشمالية الغربية لأمريكا الشمالية والجنوبية الغربية لأمريكا الجنوبية، وفي جزر نيوزيلنده.
2- أقاليم ممطرة صيفًا
وتوجد عمومًا إلى الشمال وإلى الجنوب من الأقاليم الممطرة طول العام حول خط الاستواء. والأقاليم التي تهب عليها الرياح الموسمية الممطرة صيفًا والموسمية الجافة شتاء، وأهمها الهند ومعظم شرق آسيا والحبشة وشمال أستراليا، والأقاليم الداخلية المعتدلة في شرق أوروبا وغرب آسيا ووسط أمريكا الشمالية.
3- أقاليم ممطرة شتاء
وهي موجودة في غرب القارات بين خطي عرض 30 ْ و 40 ْ نصفي الكرة، وأكبرها هو أقليم حوض البحر المتوسط في العالم القديم، وإلى جانبه توجد أشرطة ساحلية في غرب أمريكا الشمالية "كاليفورنيا"، وفي غرب أمريكا الجنوبية "شيلي" وفي الطرف الجنوبي الغربي لأفريقيا والطرف الجنوبي الغربي لأستراليا.
ولكن على الرغم من تمييزها لهذه الأنواع الثلاثة من الأقاليم الممطرة؛ فيجب ألا نتصور أن هناك حدودًا واضحة بين بعضها وبعض أو بين بعضها والمناطق الصحراوية المجاورة لها؛ لأن أقاليم المطر، بل الأقاليم المناخية عمومًا، تتداخل في بعضها بشكل تدريجى في أغلب الأحيان؛ بحيث تظهر بين بعضها وبعض أقاليم انتقالية يصعب ضمها إلى أي منها؛ ففيما بين الأقاليم الممطرة طول العام والأقاليم التي يسقط مطرها شتاء أو الممطرة صيفًا توجد أقاليم يسقط مطرها في فصلين أو أكثر. وفيما بين الأقاليم الممطرة والأقاليم الصحراوية توجد أقاليم متوسطة قد
(1/340)
____
يكون بعضها أقرب إلى الأولى وبعضها الآخر أقرب إلى الثانية؛ بل كثيرًا ما نجد بين الأقاليم التي تنتمي إلى نظام واحد اختلافات جوهرية في كمية المطر أو توزيعه على الأشهر أو نوعيته وعوامل سقوطه. وذلك بسبب اختلاف الظروف المحلية التي لها دخل في سقوط المطر أو في توزيعه الرمالي أو المكاني، وأهمها الموقع والتضاريس.
شكل "125" التوزيع الفصلي للأمطار على سطح الكرة الأرضية
(1/341)

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  692