• !
×

rasl_essaher

فِي بَيَان مسَاكِن الْجِنّ

الْبَاب الثَّامِن فِي بَيَان مسَاكِن الْجِنّ

قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن جَعْفَر بن حبَان الْأَصْبَهَانِيّ الْمَعْرُوف بِأبي الشَّيْخ فِي الْجُزْء الثَّانِي عشر من كتاب العظمة وَذكر بَابا فِي الْجِنّ وخلقهم حَدثنَا مُحَمَّد بن أَحْمد بن معدان حَدثنَا إِبْرَاهِيم الْجَوْهَرِي حَدثنَا عبد الله بن كثير حَدثنَا كثير بن عبد الله بن عَمْرو ابْن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده عَن بِلَال بن الْحَارِث قَالَ نزلنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره فَخرج لِحَاجَتِهِ وَكَانَ إِذا خرج لِحَاجَتِهِ يبعد فَأَتَيْته بأداوة من مَاء فَانْطَلق فَسمِعت عِنْده خُصُومَة رجال ولغطا مَا سَمِعت أحد من ألسنتهم قَالَ اخْتصم الْجِنّ الْمُسلمُونَ وَالْجِنّ الْمُشْركُونَ فسألوني أَن أسكنهم فأسكنت الْمُسلمين الجلس وأسكنت الْجِنّ الْمُشْركين الْغَوْر قَالَ الرَّاوِي عبد الله بن كثير قلت لكثير مَا الجلس وَمَا الْغَوْر قَالَ الجلس الْقرى وَالْجِبَال والغور مَا بَين الْجبَال والبحار وَهِي يُقَال لَهَا الْجنُوب قَالَ كثير وَمَا رَأَيْت أحدا أُصِيب بالجلس إِلَّا سلم وَلَا أُصِيب بالغور إِلَّا لم يكد يسلم وَرَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو نعيم عَن أبي مُحَمَّد بن حبَان عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن معدان وَعَن سُلَيْمَان بن احْمَد حَدثنَا خَالِد بن النَّضر عَن ابراهيم بن سعد الْجَوْهَرِي عَن عبد الله بن كثير فَذكره وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي ربيع الْأَبْرَار تَقول الْأَعْرَاب رُبمَا نزلنَا بِجمع كثير ورأينا خياما وأناسا ثمَّ فقدناهم من ساعتنا يَعْتَقِدُونَ أَنهم الْجِنّ وَأَن تِلْكَ خيامهم وقبابهم وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ أَنه بلغه أَن عمر بن الْخطاب أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى
(1/47)
____
الْعرَاق فَقَالَ لَهُ كَعْب الْأَحْبَار لَا تخرج يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِن بهَا تِسْعَة أعشار السحر وَالشَّر وفيهَا فسقة الْجِنّ وَبهَا الدَّاء العضال وَقَالَ أَبُو بكر بن عبيد فِي مكايد الشَّيْطَان حَدثنَا الْقَاسِم بن هِشَام حَدثنَا هِشَام بن عمار حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن الْوَلِيد بن أبي الثائب الْقرشِي عَن أَبِيه عَن يزِيد بن جَابر قَالَ مَا من أهل بَيت من الْمُسلمين إِلَّا وَفِي سقف بَيتهمْ من الْجِنّ من الْمُسلمين إِذا وضع غذاءهم نزلُوا فتغدوا مَعَهم وَإِذا وضع عشاءهم نزلُوا فَتَعَشَّوْا مَعَهم يدْفع الله بهم عَنْهُم وَقَالَ ابْن أبي دَاوُد حَدثنَا أَبُو عبد الرَّحْمَن الأزرمي حَدثنَا هِشَام عَن الْمُغيرَة عَن ابراهيم قَالَ لَا تبل فِي فَم البالوعة لِأَنَّهُ إِن عرض مِنْهُ شَيْء كَانَ أَشد لعلاجه حَدثنَا أَحْمد بن يحيى بن مَالك حَدثنَا عبد الْوَهَّاب عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن سعيد بن أبي الْحسن قَالَ لَا أرى بَأْسا أَن يَبُول عِنْد مثعبة وَعَن زيد بن أَرقم عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ إِن هَذِه الحشوش محضرة فَإِذا أَتَى أحدكُم الْخَلَاء فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه وَلَفظه أَن هَذِه الحشوش محضرة فَإِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يدْخل فَلْيقل أعوذ بِاللَّه من الْخبث والخبائث وروى ابْن السّني من حَدِيث أنس عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ هَذِه محضرة فَإِذا دَخلهَا أحدكُم الْخَلَاء فَلْيقل بِسم الله وروى عبد الرَّزَّاق فِي جَامعه من حَدِيث أنس أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن هَذِه الحشوش محضرة فَإِذا دَخلهَا أحدكُم فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث وَقَوله محضرة يَعْنِي يحضرها الْجِنّ فَإِذا قَالَ المخلي هَذَا الدُّعَاء احتجب عَن أَبْصَارهم فَلَا يرَوْنَ عَوْرَته
فصل يدل على إطلاع الْجِنّ على عورات النَّاس عِنْد إتْيَان الْخَلَاء مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَليّ بن أبي طَالب أَن رَسُول الله صلى الله
(1/48)
____
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ستر مَا بَين أعين الْجِنّ وعورات أمتِي إِذا دخل أحدكُم الْخَلَاء أَن يَقُول بِسم الله أهـ قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَإِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أنس كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا دخل الْخَلَاء قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث أهـ وَرَوَاهُ سعيد بن مَنْصُور فِي سنَنه فَقَالَ كَانَ يَقُول بِسم الله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث أهـ
فصل وغالب مَا يُوجد الْجِنّ فِي مَوَاضِع النجسات كالحمامات والحشوش والمزابل والقمامين والشيوخ الَّذين تقرن بهم الشَّيَاطِين وَتَكون أَحْوَالهم شيطانية لَا رحمانية يأوون كثيرا إِلَى هَذِه الْأَمَاكِن الَّتِي هِيَ مأوى الشَّيَاطِين وَقد جَاءَت الْآثَار بِالنَّهْي عَن الصَّلَاة فِيهَا لِأَنَّهَا مأوى الشَّيَاطِين وَالْفُقَهَاء مِنْهُم من علل النَّهْي بِكَوْنِهَا مَظَنَّة النَّجَاسَة وَمِنْهُم من قَالَ إِنَّه تعبد لَا يعقل مَعْنَاهُ وَالصَّحِيح أَن الْعلَّة فِي الْحمام وأعطان الْإِبِل وَنَحْو ذَلِك أَنَّهَا مأوى الشَّيَاطِين وَفِي الْمقْبرَة أَن ذَلِك ذَرِيعَة إِلَى الشّرك مَعَ أَن الْمَقَابِر تكون أَيْضا مأوى الشَّيَاطِين وَالْمَقْصُود أَن أهل الضلال والبدع الَّذين فيهم زهد وَعبادَة على غير الْوَجْه الشَّرْعِيّ وَلَهُم أَحْيَانًا مكاشفات وَلَهُم تأثيرات يأوون كثيرا إِلَى مَوَاضِع الشَّيَاطِين الَّتِي نهى عَن الصَّلَاة فِيهَا لِأَن الشَّيَاطِين تتنزل عَلَيْهِم فِيهَا وتخاطبهم بِبَعْض الْأُمُور كَمَا تخاطب الْكُهَّان وكما كَانَت تدخل فِي الْأَصْنَام وَتكلم عابدي الاصنام وتفتنهم فِي بعض المطالب كَمَا تفتن السَّحَرَة وكما يفتن عباد الْأَصْنَام الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب إِذا عبدوها بالعبادات الَّتِي يظنون أَنَّهَا تناسبها من تَسْبِيح لَهَا ولباس وبخور وَغير ذَلِك فَإِنَّهُ قد تنزل عَلَيْهِم شياطين يسمونها روحانية الْكَوَاكِب وَقد تقضى بعض حوائجهم إِمَّا قتل بَعضهم أَو إمراضه وَأما جلب بعض من يهوونه أَو إِحْضَار بعض المَال وَلَكِن الضَّرَر الَّذِي يحصل لَهُم بذلك أعظم من النَّفْع بل قد يكون أَضْعَاف أَضْعَاف النَّفْع وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ
(1/49)


بواسطة : rasl_essaher
 0  0  285