• !
×

rasl_essaher

فى ثَوَاب الْجِنّ على أَعْمَالهم

الْبَاب الثانى وَالْعشْرُونَ فى ثَوَاب الْجِنّ على أَعْمَالهم

اخْتلف الْعلمَاء فى الْجِنّ هَل لَهُم ثَوَاب على قَوْلَيْنِ فَقيل لَا ثَوَاب لَهُم إِلَّا النجَاة من النَّار ثمَّ يَقُول لَهُم كونُوا تُرَابا مثل الْبَهَائِم وَهُوَ قَول أبي حنيفَة حَكَاهُ ابْن حزم وَغَيره عَنهُ قَالَ ابْن ابي الدُّنْيَا حَدثنَا دَاوُد ابْن عمر والضبي حَدثنَا عفيف بن سَالم عَن سُفْيَان الثورى عَن لَيْث ابْن أبي سليم قَالَ ثَوَاب الْجِنّ أَن يجاروا من النَّار ثمَّ يُقَال لَهُم كونُوا تُرَابا
قَالَ أَبُو حَفْص بن شاهين فى كتاب الْعَجَائِب والغرائب حَدثنَا ابو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ حَدثنَا أَبُو الرّبيع الزهْرَانِي عَن يَعْقُوب الْعَمى عَن جَعْفَر ابْن ابي الْمُغيرَة عَن أبي الزِّنَاد قَالَ إِذا دخل أهل الْجنَّة الْجنَّة وَأهل النَّار النَّار قَالَ الله تَعَالَى لمؤمني الْجِنّ وَسَائِر الْأُمَم كونُوا تُرَابا فَحِينَئِذٍ يَقُول الْكَافِر {يَا لَيْتَني كنت تُرَابا} وَالْقَوْل الثَّانِي إِنَّهُم يثابون على الطَّاعَة ويعاقبون على الْمعْصِيَة وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى وَمَالك وَذكر ذَلِك مذهبا للأوزاعي وَأبي يُوسُف وَمُحَمّد وَنقل على الشَّافِعِي وَأحمد بن حَنْبَل فَقَالَ نعم لَهُ ثَوَاب وَعَلَيْهِم عِقَاب وَهُوَ قَول اصحابهما وَأَصْحَاب مَالك وَسُئِلَ ابْن عَبَّاس هَل لَهُم ثَوَاب وَعَلَيْهِم عِقَاب فَقَالَ نعم لَهُم ثَوَاب وَعَلَيْهِم عِقَاب
وَقَالَ ابْن شاهين فِي غرائب السّنَن حَدثنَا عبد الله بن سُلَيْمَان حَدثنَا مُحَمَّد بن صَدَقَة الجيلاني حَدثنَا أبي حَدثنَا أَبُو حَيَاة وَهُوَ شُرَيْح
(1/88)
____
ابْن يزِيد بن أَرْطَأَة بن الْمُنْذر قَالَ سَأَلت ضَمرَة بن حبيب بن صُهَيْب الزبيدِيّ هَل للجن ثَوَاب فَقَالَ نعم قَالَ أَرْطَأَة ثمَّ نزع ضَمرَة بِهَذَا الْآيَة {لم يطمثهن إنس قبلهم وَلَا جَان} وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره حَدثنَا أبي حَدثنَا عِيسَى بن زِيَاد ان يحيى بن الضريس قَالَ سَمِعت يَعْقُوب قَالَ قَالَ ابْن أبي ليلى لَهُم ثَوَاب يَعْنِي للجن فَوَجَدنَا تَصْدِيق قَوْله فِي كتاب الله تَعَالَى {وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا} وَقَالَ ابْن الصّلاح فِي بعض تعاليقه حكى عَن ابْن عبد الحكم صَاحبه مُحَمَّد بن رَمَضَان الزيات الْمَالِكِي أَنه سُئِلَ عَن الْجِنّ هَل لَهُم جَزَاء فِي الْآخِرَة على أَعْمَالهم فَقَالَ نعم وَالْقُرْآن يدل على ذَلِك قَالَ الله تَعَالَى {وَلكُل دَرَجَات مِمَّا عمِلُوا} وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدثنَا ابو الْوَلِيد حَدثنَا هَيْثَم عَن حَرْمَلَة قَالَ سُئِلَ ابْن وهب وانا اسْمَع هَل للجن ثَوَاب وعقاب قَالَ ابْن وهب قَالَ الله تَعَالَى {حق عَلَيْهِم القَوْل فِي أُمَم قد خلت من قبلهم من الْجِنّ وَالْإِنْس} إِلَى قَوْله {مِمَّا عمِلُوا} قَالَ مُحَمَّد بن رشد أَبُو الْوَلِيد القَاضِي فِي كتاب الجامعة للْبَيَان والتحصيل قَالَ اصبع وَسمعت ابْن الْقَاسِم يَقُول للجن الثَّوَاب وَالْعِقَاب وتلا قَول الله تَعَالَى {وَأَنا منا الْمُسلمُونَ وَمنا القاسطون فَمن أسلم فَأُولَئِك تحروا رشدا وَأما القاسطون فَكَانُوا لِجَهَنَّم حطبا}
قَالَ ابْن رشد اسْتِدْلَال ابْن الْقَاسِم على مَا ذكر من أَن للجن الثَّوَاب وَالْعِقَاب بِمَا تلاه من قَول الله تَعَالَى اسْتِدْلَال صَحِيح بَين لَا إِشْكَال فِيهِ بل هُوَ نَص على ذَلِك والقاسطون فِي هَذِه الْآيَة الحائدون عَن الْهدى الْمُشْركُونَ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {وَأَنا منا الْمُسلمُونَ} فَفِي الْجِنّ مُسلمُونَ ويهود ونصارى ومجوس وَعَبدَة أوثان قَالَ بعض أهل التَّفْسِير فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {وَأَنا منا الصالحون} قَالَ يُرِيد الْمُؤمنِينَ وَمنا دون ذَلِك قَالَ يُرِيد غير
(1/89)
____
الْمُؤمنِينَ وَقَوله تَعَالَى {كُنَّا طرائق قددا} أَي مُخْتَلفُونَ فِي الْكفْر يهود ونصارى ومجوس وَعَبدَة أوثان
وَقَالَ أَبُو الشَّيْخ حَدثنَا جَعْفَر بن أَحْمد بن فَارس حَدثنَا حميد حَدثنَا جرير عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن مغيث بن سمي قَالَ مَا خلق الله تَعَالَى من شَيْء إِلَّا وَهُوَ يسمع زفير جَهَنَّم غدْوَة وَعَشِيَّة إِلَّا الثقلَيْن الَّذين عَلَيْهِم الْحساب وَالْعِقَاب وَالله أعلم
(1/90)

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  257