فِي بَيَان انْعِقَاد الْجَمَاعَة بهم
الْبَاب السَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي بَيَان انْعِقَاد الْجَمَاعَة بهم
قَالَ الإِمَام أَحْمد حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد حَدثنَا أبي عَن ابْن اسحاق حَدثنِي أَبُو عُمَيْس عتبَة بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي فَزَارَة عَن أبي زيد مولى عَمْرو بن حُرَيْث المَخْزُومِي عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ بَينا نَحن مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَكَّة وَهُوَ فِي نفر من اصحابه اذ قَالَ ليقمْ مِنْكُم معي رجلَانِ وَلَا يقومن معي رجل فِي قلبه من الْغِشّ مِثْقَال ذرة قَالَ فَقُمْت مَعَه واخذت إداوة وَلَا أحسبها الا مَاء فَخرجت مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة رَأَيْت أَسْوِدَة مجتمعة قَالَ فَخط لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خطا ثمَّ قَالَ قُم هَهُنَا حَتَّى آتِيك قَالَ فَقُمْت وَمضى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم فرأيتهم يثورون إِلَيْهِ قَالَ فسمر مَعَهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلًا طَويلا حَتَّى جَاءَنِي مَعَ الْفجْر فَقَالَ مَا زلت قَائِما يَا ابْن مَسْعُود قَالَ فَقلت يَا رَسُول الله أَو لم تقل قُم حَتَّى آتِيك قَالَ ثمَّ قَالَ لي هَل مَعَك من وضوء قَالَ فَقلت نعم ففتحت الْإِدَاوَة فَإِذا هُوَ نَبِيذ فَقَالَ رَسُول الله ثَمَرَة طيبَة وَمَاء طهُور ثمَّ قَالَ تَوَضَّأ مِنْهَا فَلَمَّا قَامَ يُصَلِّي أدْركهُ شخصان مِنْهُم فَقَالَا لَهُ يَا رَسُول الله إِنَّا نحب أَن تؤمنا فِي صَلَاتنَا قَالَ فصفهما رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَلفه ثمَّ صلى بِنَا ثمَّ انْصَرف قلت لَهُ من هَؤُلَاءِ يَا رَسُول الله قَالَ هَؤُلَاءِ جن نَصِيبين جَاءُونِي يختصمون إِلَيّ فِي أُمُور كَانَت بَينهم وَقد سَأَلُونِي الزَّاد فزودتهم قَالَ فَقلت وَهل هُنَاكَ يَا رَسُول الله من شَيْء تزودهم إِيَّاه قَالَ فزودتهم الرّجْعَة وَمَا وجدوا من رَوْث وجدوه شَعِيرًا وَمَا وجدوا من عظم وجدوه كاسيا قَالَ وَعند ذَلِك نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يستطاب بالروث والعظم
(1/100)
____
وَقَالَ أَحْمد حَدثنَا عبد الرَّزَّاق أَنبأَنَا سُفْيَان عَن أبي فَزَارَة حَدثنَا أَبُو زيد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ لما كَانَ لَيْلَة الْجِنّ تخلف مِنْهُم رجلَانِ وَقَالا نشْهد الْفجْر مَعَك يَا رَسُول الله فَقَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَعَك مَاء قلت لَيْسَ معي مَاء وَلَكِن معي إداوة فِيهَا نَبِيذ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَمَرَة طيبَة وَمَاء طهُور فَتَوَضَّأ وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن قيس بن الرّبيع عَن أبي فَزَارَة عَن أبي زيد عَن ابْن مَسْعُود فساق حَدِيث الْخط وَقَالَ فِي آخِره ثَمَرَة طيبَة وَمَاء طهُور فَتَوَضَّأ واقام الصَّلَاة فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَامَ إِلَيْهِ رجلَانِ من الْجِنّ فَسَأَلَاهُ الْمَتَاع فَقَالَ ألم آمُر لَكمَا ولقومكما بِمَا يصلحكم قَالُوا بلَى وَلَكِن أحببنا ان يشْهد بَعْضنَا مَعَك الصَّلَاة فَقَالَ مِمَّن أَنْتُمَا قَالَ لَا من أهل نَصِيبين فَقَالَ أَفْلح هَذَانِ وأفلح قومهما وَأمر لَهما بالروث وَالْعِظَام طَعَاما وَلَحْمًا وَنهى ان يستنجى بِعظم أَو رَوْثَة
وَرَوَاهُ الثَّوْريّ وَإِسْرَائِيل وَشريك والجراح بن مليح وَأَبُو عُمَيْس كلهم عَن أبي فَزَارَة وَقَالَ أَبُو الْفَتْح الْيَعْمرِي وَغير طَرِيق أبي فَزَارَة عَن أبي زيد لهَذَا الحَدِيث أقوى مِنْهَا للْجَهَالَة الْوَاقِعَة فِي أبي زيد وَلَكِن أصل الحَدِيث مَشْهُور عَن ابْن مَسْعُود من طرق حسان متضافرة يشد بَعْضهَا بَعْضًا وَيشْهد بَعْضهَا لبَعض وَلم تنفرد طَرِيق أبي زيد إِلَّا فِيهَا من التوضوء بنبيذ التَّمْر وَلَيْسَ ذَلِك مَقْصُودا الْآن
وروى سُفْيَان الثَّوْريّ فِي تَفْسِيره عَن إِسْمَاعِيل البَجلِيّ عَن سعيد ابْن جُبَير قَالَ تَعَالَى {وَأَن الْمَسَاجِد لله فَلَا تدعوا مَعَ الله أحدا} قَالَ قَالَت الْجِنّ للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيفَ لنا بمسجدك أَن نشْهد الصَّلَاة مَعَك وَنحن ناءون عَنْك فَنزلت {وَأَن الْمَسَاجِد لله} وَذكر ابْن الصَّيْرَفِي فِي نوادره انْعِقَاد الْجَمَاعَة بالجن وَالله تَعَالَى أعلم
(1/101)