فِي النَّهْي عَن أكل مَا ذبح للجن وعَلى اسمهم
الْبَاب السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ فِي النَّهْي عَن أكل مَا ذبح للجن وعَلى اسمهم
قَالَ يحيى بن يحيى قَالَ لي وهب استنبط بعض الْخُلَفَاء عينا وَأَرَادَ إجراءها وَذبح للجن عَلَيْهَا لِئَلَّا يغوروا مَاؤُهَا فأطعم ذَلِك أُنَاسًا فَبلغ ذَلِك ابْن شهَاب فَقَالَ إِمَّا إِنَّه قد ذبح مَا لم يحل لَهُ وَأطْعم النَّاس مَا لَا يحل لَهُم نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل مَا ذبح للجن
قَالَ الطليطلي وَأَخْبرنِي يحيى بن يحيى عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن أكل مَا ذبح للجن وعَلى اسمهم ونقلت عَن خطّ الشَّيْخ الْعَلامَة شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي بكر الْحَنْبَلِيّ قَالَ وَقد وَقعت هَذِه الْوَاقِعَة بِعَينهَا فِي مَكَّة سِتَّة إِجْرَاء الْعين بهَا فَأَخْبرنِي إِمَام الْحَنَابِلَة بِمَكَّة وَهُوَ الَّذِي كَانَ إجراؤها على يَده وَتَوَلَّى مباشرتها بِنَفسِهِ نجم الدّين خَليفَة بن مَحْمُود الكيلاني قَالَ لما وصل الْحفر إِلَى مَوضِع ذكره خرج أحد الحفارين من تَحت الْحفر مصروعا يتَكَلَّم فَمَكثَ كَذَلِك طَويلا فسمعناه يَقُول يَا مُسلمين لَا يحل لكم أَن تظلمونا قلت أَنا لَهُ وَبِأَيِّ شَيْء ظلمناكم قَالَ نَحن سكان هَذِه الأَرْض وَلَا وَالله مَا فيهم مُسلم غَيْرِي وَقد تَركتهم ورائي مُسلمين وَإِلَّا كُنْتُم لَقِيتُم مِنْهُم شرا وَقد أرسلوني إِلَيْكُم يَقُولُونَ لَا ندعكم تمرون بِهَذَا المَاء فِي ارضنا حَتَّى تبذلوا لنا حَقنا قلت وَمَا حقكم قَالَ تأخذون ثورا فتزينوه بأعظم زِينَة وتلبسونه وتزفونه من دَاخل مَكَّة حَتَّى تنتهوا بِهِ إِلَى هُنَا فاذبحوه ثمَّ اطرحوا لنا دَمه وأطرافه وَرَأسه فِي بِئْر عبد الصَّمد وشأنكم بباقيه وَإِلَّا فَلَا نَدع المَاء بجري فِي هَذِه الأَرْض أبدا قلت نعم أفعل ذَلِك قَالَ وَإِذا بِالرجلِ قد أَفَاق يمسح وَجهه وَعَيْنَيْهِ وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله أَيْن أَنا قَالَ وَقَامَ الرجل
(1/124)
____
لَيْسَ بِهِ قلبة فَذَهَبت إِلَى بَيْتِي فَلَمَّا اصبحت وَنزلت أُرِيد الْمَسْجِد إِذا بِرَجُل على الْبَاب لَا أعرفهُ فَقَالَ الْحَاج خَليفَة هَهُنَا قلت وَمَا تُرِيدُ بِهِ قَالَ حَاجَة أقولها لَهُ قلت لَهُ الْحَاجة وَأَنا أبلغه إِيَّاهَا فَإِنَّهُ مَشْغُول قَالَ لي قل لَهُ إِنِّي رَأَيْت البارحة فِي النّوم ثورا عَظِيما قد زينوه بأنواع الْحلِيّ واللباس وجلوا بِهِ يزفونه حَتَّى مروا بِهِ على دَار خَليفَة فوقفوه إِلَى أَن خرج وَرَآهُ وَقَالَ نعم هُوَ هَذَا ثمَّ أقبل بِهِ يَسُوقهُ وَالنَّاس خَلفه يزفونه حَتَّى خرج بِهِ من مَكَّة فذبحوه وألقوا رَأسه وأطرافه فِي بِئْر قَالَ فعجبت من مَنَامه وحكيت الْوَاقِعَة والمنام لأهل مَكَّة وكبرائهم فاشتروا ثورا وزينوه والبسوه وَخَرجْنَا بِهِ نزفه حَتَّى انتهينا إِلَى مَوضِع الْحفر فذبحناه وألقينا رَأسه وأطرافه وَدَمه فِي الْبِئْر الَّتِي سَمَّاهَا قَالَ وَلما كُنَّا قد وصلنا إِلَى ذَلِك الْموضع كَانَ المَاء يغور فَلَا نَدْرِي أَيْن يذهب اصلا وَلَا نَدْرِي لَهُ عينا وَلَا أثرا قَالَ فَمَا هُوَ إِلَّا أَن طرحنا ذَلِك فِي الْبِئْر قَالَ وَكَأَنِّي بِمن أَخذ بيَدي وأوقفني على مَكَان وَقَالَ احفروا هَهُنَا قَالَ فَحَفَرْنَا وَإِذا بِالْمَاءِ يموج فِي ذَلِك الْموضع وَإِذا طَرِيق منقورة فِي الْجَبَل يمر تحتهَا الْفَارِس بفرسه فأصلحناها ونظفناها فَجرى المَاء فِيهَا نسْمع هديره فَلم يكن إِلَّا نَحْو أَرْبَعَة أَيَّام وَإِذا بِالْمَاءِ بِمَكَّة وَأخْبرنَا من حول الْبِئْر أَنهم لم يَكُونُوا يعْرفُونَ فِي الْبِئْر مَاء يردونه فَمَا هُوَ إِلَّا أَن امْتَلَأت وَصَارَت موردا قَالَ الْعَلامَة شمس الدّين وَهَذَا نَظِير مَا كَانَ عَادَتهم قبل الْإِسْلَام من تَزْيِين جَارِيَة حسناء وإلباسها أحسن ثِيَابهَا وإلقائها فِي النّيل حَتَّى يطلع ثمَّ قطع الله تِلْكَ السّنة الْجَاهِلِيَّة على يَدي من أَخَاف الْجِنّ وقمعها عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَهَكَذَا هَذِه الْعين وأمثالها لَو حفرهَا رجل عمري يفرق مِنْهُ الشَّيْطَان لجرت على رغمهم وَلم يذبح لَهُم عُصْفُور فَمَا فَوْقه وَلَكِن لكل زمَان رجال قَالَ وَهَذَا الرجل الَّذِي أَخْبرنِي بِهَذِهِ الْحِكَايَة كنت نزيله وجاره وَخيرته فرأيته من أصدق النَّاس وأدينهم واعظمهم أَمَانَة وَأهل الْبَلَد كلمتهم وَاحِدَة على صَدَقَة وَدينه وشاهدوا هَذِه الْوَاقِعَة بعيونهم وَالله الْهَادِي للحق
(1/125)