فِيمَا يعْصم بِهِ من الْجِنّ ويستدفع بِهِ شرهم
الْبَاب السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ فِيمَا يعْصم بِهِ من الْجِنّ ويستدفع بِهِ شرهم
وَذَلِكَ فِي عشر حروز
أَحدهَا الِاسْتِعَاذَة بِاللَّه مِنْهُ قَالَ الله تَعَالَى {وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} وَفِي مَوضِع آخر {وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه إِنَّه سميع عليم} وَفِي الصَّحِيح أَن رجلَيْنِ اسْتَبَّا عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَحْمَر وَجه أَحدهمَا فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنِّي لأعْلم كلم لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ مَا يجد أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم
الثَّانِي قِرَاءَة المعوذتين روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْجريرِي عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتَعَوَّذ من الجان وَعين الْإِنْسَان حَتَّى نزلت المعوذتان فَلَمَّا نزلت أَخذ بهما وَترك مَا سواهُمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ هُوَ حَدِيث حسن غَرِيب
الثَّالِث قِرَاءَة آيَة الْكُرْسِيّ فَفِي الصَّحِيح من حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ وكلني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحِفْظ زَكَاة رَمَضَان فآتاني آتٍ فَجعل يحثو من الطَّعَام فَأَخَذته فَقلت لأرفعنك إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَذكر الحَدِيث فَقَالَ إِذا أويت إِلَى فراشك فاقرأ آيَة الْكُرْسِيّ لن يزَال عَلَيْك من الله حَافظ وَلَا يقربك شَيْطَان حَتَّى تصبح فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدقك وَهُوَ كذوب ذَاك
(1/145)
____
الشَّيْطَان
الرَّابِع قِرَاءَة سُورَة الْبَقَرَة فَفِي الصَّحِيح من حَدِيث سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تجْعَلُوا بُيُوتكُمْ قبورا وَإِن الْبَيْت الَّذِي تقْرَأ فِيهِ الْبَقَرَة لَا يقربهُ الشَّيْطَان
الْخَامِس خَاتِمَة سُورَة الْبَقَرَة فقد ثَبت فِي الصَّحِيح من حَدِيث أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة فِي لَيْلَة كفتاه وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله كتب كتابا قبل أَن يخلق الْخلق بألفي عَام أنزل مِنْهُ آيَتَيْنِ ختم بهما سُورَة الْبَقَرَة فَلَا يقرآن فِي دَار ثَلَاث لَيَال فَيقر بهَا شَيْطَان
السَّادِس أول سُورَة حم الْمُؤمن إِلَى قَوْله {إِلَيْهِ الْمصير} مَعَ آيَة الْكُرْسِيّ فَفِي التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر بن أبي مليكَة عَن زُرَارَة بن مُصعب عَن سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قَرَأَ حم الْمُؤمن إِلَى قَوْله {إِلَيْهِ الْمصير} وَآيَة الْكُرْسِيّ حِين يصبح حفظ بهما حَتَّى يُمْسِي وَمن قرآهما حِين يُمْسِي حفظ بهما حَتَّى يصبح وَعبد الرَّحْمَن الْمليكِي وَإِن كَانَ قد تكلم فِيهِ من قبل حفظه فَالْحَدِيث لَهُ شَوَاهِد فِي قِرَاءَة آيَة الْكُرْسِيّ
السَّابِع لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير مائَة مرّة فَفِي الصَّحِيح من حَدِيث سَمُرَة مولى أبي بكر عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله
(1/146)
____
عَلَيْهِ وَسلم قَالَ من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير مائَة مرّة كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب وَكتب لَهُ مائَة حَسَنَة ومحيت عَنهُ مائَة سَيِّئَة وَكَانَت لَهُ حرْزا من الشَّيْطَان يَوْمه ذَلِك حَتَّى يُمْسِي وَلم يَأْتِ أحد بِأَفْضَل مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أحد عمل أَكثر من ذَلِك
الثَّامِن كَثْرَة ذكر الله عز وَجل فَفِي التِّرْمِذِيّ من حَدِيث الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الله تَعَالَى أَمر يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَام بِخمْس كَلِمَات أَن يعْمل بهَا وَيَأْمُر بني إِسْرَائِيل ان يعملوا بهَا وَأَنه كَاد ان يبطئ بهَا قَالَ عِيسَى إِن الله أَمرك بِخمْس كَلِمَات لتعمل بهَا وتأمر بني اسرائيل أَن يعملوا بهَا فإمَّا أَن تَأْمُرهُمْ وَإِمَّا أَن آمُرهُم فَقَالَ يحيى عَلَيْهِ السَّلَام أخْشَى إِن سبقتني بهَا أَن يخسف بِي أَو أعذب فَجمع النَّاس فِي بَيت الْمُقَدّس فَامْتَلَأَ فقعدوا على الشّرف فَقَالَ إِن الله أَمرنِي بِخمْس كَلِمَات ان أعمل بِهن وآمركم أَن تعملوا بِهن أولهنَّ أَن تعبدوا الله وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا وَأَن مثل من اشرك بِاللَّه كَمثل رجل أشترى عبدا من خَالص مَاله بِذَهَب أَو ورق فَقَالَ هَذِه دَاري وَهَذَا عَمَلي فاعمل وأد إِلَى فَكَانَ يعْمل وَيُؤَدِّي إِلَى غير سَيّده فَأَيكُمْ يرضى أَن يكون عَبده كَذَلِك وَإِن الله آمركُم بِالصَّلَاةِ فَإِذا صليتم فَلَا تلتفتوا فَإِن الله تَعَالَى ينصب وَجهه بِوَجْه عَبده فِي صلَاته مَا لم يلْتَفت وآمركم بالصيام فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل فِي عِصَابَة مَعَه صرة فِيهَا مسك وَكلهمْ يعجب أَو يُعجبهُ رِيحهَا فَإِن ريح الصَّائِم أطيب عِنْد الله تَعَالَى من ريح الْمسك وآمركم بِالصَّدَقَةِ فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل أمسكوه فَأوثقُوا يَده إِلَى عُنُقه وقدموه ليضربوا عُنُقه فَقَالَ أَنا أفديه مِنْكُم بِالْقَلِيلِ وَالْكثير ففدى نَفسه مِنْهُم وأمركم أَن تَذكرُوا الله تَعَالَى فَإِن مثل ذَلِك كَمثل رجل خرج الْعَدو فِي أَثَره سرَاعًا حَتَّى أَتَى على حصن حُصَيْن فأحرس نَفسه مِنْهُم كَذَلِك العَبْد لَا يحرز نَفسه من الشَّيْطَان إِلَّا بِذكر الله تَعَالَى قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا آمركُم بِخمْس الله تَعَالَى أَمرنِي بِهن السّمع وَالطَّاعَة وَالْجهَاد وَالْهجْرَة وَالْجَمَاعَة فَإِنَّهُ من فَارق الْجَمَاعَة قيد شبر فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه إِلَّا أَن يُرَاجع وَمن دَعَا دَعْوَى الْجَاهِلِيَّة فَإِنَّهُ من جثا جَهَنَّم
(1/147)
____
فَقَالَ رجل يَا رَسُول الله وَإِن صَامَ وَصلى قَالَ وَإِن صَامَ وَصلى فَادعوا بِدَعْوَى الله الَّذِي سَمَّاكُم الْمُسلمين الْمُؤمنِينَ عباد الله قَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح وَقَالَ البُخَارِيّ الْحَارِث الْأَشْعَرِيّ لَهُ صُحْبَة وَله غير هَذَا الحَدِيث
التَّاسِع الْوضُوء وَالصَّلَاة وهما من أعظم مَا يتحرز بِهِ لَا سِيمَا عِنْد ثوران قُوَّة الْغَضَب والشهوة فَإِنَّهَا نَار تغلي فِي قلب ابْن آدم كَمَا روى التِّرْمِذِيّ وَغَيره من حَدِيث ابي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَلا وَإِن الْغَضَب جَمْرَة فِي قلب ابْن آدم أما رَأَيْتُمْ إِلَى حمرَة عَيْنَيْهِ وانتفاخ أوداجه فَمن أحس بِشَيْء من ذَلِك فليلصق فِي الأَرْض وَفِي أثر آخر أَن الشَّيْطَان خلق من نَار وانما تُطْفِئ النَّار بِالْمَاءِ وَفِي السّنَن قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الْغَضَب من الشَّيْطَان وَإِن الشَّيْطَان من النَّار وَإِنَّمَا تُطْفِئ النَّار بِالْمَاءِ فَإِذا غضب أحدكُم فَليَتَوَضَّأ
الْعَاشِر إمْسَاك فضول النّظر وَالْكَلَام وَالطَّعَام ومخالطة النَّاس فَإِن الشَّيْطَان إِنَّمَا يتسلط على ابْن آدم من هَذِه الْأَبْوَاب الْأَرْبَعَة فَفِي مُسْند الإِمَام أَحْمد عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ النظرة سهم مَسْمُوم من سِهَام إِبْلِيس فَمن غض بَصَره لله عز وَجل أورثه الله حلاوة يجدهَا فِي قلبه إِلَى يَوْم يلقاه وَالله تَعَالَى أعلم أهـ