فِي حكايات مُكَافَأَة الْجِنّ وَالْإِنْس على الْخَيْر وَالشَّر
الْبَاب التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ فِي حكايات مُكَافَأَة الْجِنّ وَالْإِنْس على الْخَيْر وَالشَّر
قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد حَدثنِي عبيد الله بن جرير الْعَتكِي حَدثنَا الْوَلِيد بن هِشَام الحذمي قَالَ كَانَ عبيد بن الأبرص وَأَصْحَاب لَهُ فِي سفر فَمروا بحية وَهِي تتقلب فِي الرمضاء وتلهث عطشا فهم بَعضهم بقتلها فَقَالَ عبيد هِيَ إِلَى من يصب عَلَيْهَا نقطة من مَاء أحْوج قَالَ فَنزل فَصَبَّهُ عَلَيْهَا قَالَ فَمَضَوْا فَأَصَابَهُمْ ضلال شَدِيد حَتَّى ذهبت عَنْهُم الطَّرِيق فبيناهم كَذَلِك فَإِذا هَاتِف يَهْتِف ... يَا أَيهَا الركب المضل مذْهبه ... دُونك هَذَا اليكن منا فاركبه
حَتَّى إِذا اللَّيْل تولى مغربه ... وسطع الْفجْر ولاح كوكبه
فَخَل عَنهُ رَحْله وسبسبه ...
قَالَ فَسَار بِهِ من اللَّيْل حَتَّى طلع الْفجْر مسيرَة عشرَة بلياليهن فَقَالَ عبيد بن الأبرص ... يَا أَيهَا الْبكر قد أنجبت من غمر ... وَمن فيافي تضل الرَّاكِب الْهَادِي
هلا تخبرنا بِالْحَقِّ نعرفه ... من الَّذِي جاد بالنعماء فِي الْوَادي ...
فَقَالَ مجيبا لَهُ ... أَنا الشجاع الَّذِي أبصرته رَمضًا ... فِي ضحضح نازح يسرى بِهِ صادي
فجدت بِالْمَاءِ لما ضن شَاربه ... رويت مِنْهُ وَلم تبخل بإنجاد
الْخَيْر يبْقى وَإِن طَال الزَّمَان بِهِ ... وَالشَّر أَخبث مَا أوعيت من زَاد ...
وَيدخل فِي هَذَا عدَّة آثَار مُتَفَرِّقَة فِي موَاضعهَا من هَذَا الْكتاب مِنْهَا قصَّة مَالك بن خريم وَهِي مَذْكُورَة فِي الْبَاب الموفي سِتِّينَ أَن الظباء مَاشِيَة الْجِنّ قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنِي اسماعيل بن إِبْرَاهِيم الْهَاشِمِي حَدثنِي المريمي قَالَ كنت أقنص الْحمر فَخرجت ذَات يَوْم فبنيت كوخا فِي
(1/156)
____
الْموضع الَّذِي ترده للشُّرْب فَلَمَّا وَردت شددت سَهْما فَإِذا انا بهاتف يَقُول يَا منهلة حمرك فنفرت الْحمر كلهَا فَانْصَرَفت وَمَعِي جَارِيَة لي يُقَال لَهَا مرْجَانَة وحماران فشددتهما من وَرَاء الْحَبل وفوقت سهمي وَجَلَست أرقبهما فَلَمَّا طلعت الْحمر لم أجنح إِلَى تلبث فرميتها فصرعت حمارا مِنْهَا ثمَّ قلت ... قد فقدت حمارها منهلة ... أتبعتها سيحلة منسلة
كذنب النحلة يَعْلُو الجلة
قَالَ فَأَجَابَنِي مُجيب ... قد فقدت حمارها مرْجَانَة ... أتبعتها سيحلة خسانة
فِي قَبْضَة عسراء فِي سريانة
فَقَالَت الْجَارِيَة يَا مولَايَ قد مَاتَ وَالله أحد الحمارين وَيدخل هُنَا قصَّة جمل الْيَتَامَى وَهِي مَذْكُورَة فِي الظباء وَالله أعلم