فِي بَيَان صرع الْجِنّ للإنس
الْبَاب الموفي خمسين فِي بَيَان صرع الْجِنّ للإنس
قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس رَحمَه الله صرع الْجِنّ للإنس قد يكون عَن شَهْوَة وَهوى وعشق كَمَا يتَّفق للإنس مَعَ الْجِنّ وَقد يتناكح الْإِنْس وَالْجِنّ ويولد بَينهمَا ولد وَهَذَا كثير مَعْرُوف وَقد ذكر الْعلمَاء ذَلِك وَتَكَلَّمُوا عَلَيْهِ وَقد يكون وَهُوَ كثير وَالْأَكْثَر عَن بغض ومجازاه مثل أَن يؤذيهم بعض الْإِنْس أَو يَظُنُّوا أَنهم يتعمدون آذاهم إِمَّا ببول على بَعضهم وَإِمَّا بصب مَاء حَار وَإِمَّا بقتل بَعضهم وان كَانَ الْإِنْس لَا تعرف ذَلِك وَفِي الْجِنّ ظلم وَجَهل فيعاقبونه بِأَكْثَرَ مِمَّا يسْتَحقّهُ وَقد يكون عَن عَبث مِنْهُم وَشر ميل سُفَهَاء الْإِنْس وَحِينَئِذٍ فَمَا كَانَ من الْبَاب الأول فَهُوَ من الْفَوَاحِش الَّتِي حرمهَا الله تَعَالَى كَمَا حرم ذَلِك على الْإِنْس وان كَانَ بِرِضا الآخر فَكيف
(1/157)
____
إِذا كَانَ مَعَ كَرَاهَته فَإِنَّهُ فَاحِشَة وظلم يُخَاطب الْجِنّ بذلك ويعرفون أَن هَذَا فَاحِشَة مُحرمَة لتقوم عَلَيْهِم الْحجَّة بذلك يعلمُوا بِأَنَّهُ يحكم فيهم بِحكم الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الَّذِي أرْسلهُ إِلَى جَمِيع الثقلَيْن الْإِنْس وَالْجِنّ وَمَا كَانَ من الْقسم الثَّانِي فَإِن كَانَ الْإِنْسِي لم يعلم فيخاطبون بِأَن هَذَا لم يعلم وَمن لم يتَعَمَّد الْأَذَى وَلم يسْتَحق الْعقُوبَة وَإِن كَانَ قد فعل ذَلِك فِي دَاره وَملكه عرفُوا بِأَن الدَّار ملكه فَلهُ أَن يتَصَرَّف فِيهَا بِمَا يجوز وَأَنْتُم لَيْسَ لكم أَن تمكثوا فِي ملك الْإِنْس بِغَيْر إذْنهمْ بل لكم مَا لَيْسَ من مسَاكِن الْإِنْس كالخراب والفلوات وَلِهَذَا يوجدون كثيرا فِي الخراب والفلوات ويوجدون فِي مَوَاضِع النَّجَاسَات كالحمامات والحشوش والمزابل والقمامين والمقابر وَالْمَقْصُود أَن الْجِنّ إِذا اعتدوا على الْإِنْس اخبروا بِحكم الله وَرَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأقيمت عَلَيْهِم الْحجَّة وَأمرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونهوا عَن الْمُنكر كَمَا يفعل بالإنس لِأَن الله تَعَالَى يَقُول {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} وَقَالَ تَعَالَى {يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس ألم يأتكم رسل مِنْكُم يقصون عَلَيْكُم آياتي} صدق الله الْعَظِيم