• !
×

rasl_essaher

فِي جَوَاز المذاكرة بِحَدِيث الْجِنّ

الْبَاب الثَّانِي وَالسِّتُّونَ فِي جَوَاز المذاكرة بِحَدِيث الْجِنّ

قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد الْقرشِي حَدثنَا الْحسن بن عَليّ حَدثنِي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن زُرَيْق حَدثنِي عَمْرو بن الْحَارِث حَدثنَا عبد الله بن سَالم عَن الزبيدِيّ قَالَ أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مُسلم أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ يَوْمًا لمن حضر من جُلَسَائِهِ اذْكروا شَيْئا من حَدِيث الْجِنّ فَقَالَ رجل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ خرجت أَنا وصاحبان لي نُرِيد الشَّام فأصبنا ظَبْيَة عضباء وأدركنا رَاكب من خلفنا وَكُنَّا أَرْبَعَة فَقَالَ خل سَبِيلهَا فَقلت لَا لعمرك لَا أخلي سَبِيلهَا فَقَالَ لربما رَأَيْتنَا فِي هَذِه الطَّرِيق وَنحن أَكثر من عشرَة فيخطف بَعْضنَا بَعْضًا فأذهلني مَا كَانَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ حَتَّى نزلنَا ديرا يُقَال لَهُ دير العنيف فارتحلنا وَهِي مَعنا فَإِذا هَاتِف يَهْتِف وَهُوَ يَقُول ... يَا أَيهَا الركب السراع الْأَرْبَعَة ... خلوا سَبِيل النافر المروعة
مهلا عَن العضبا فَفِي الأَرْض سَعَة ... وَلَا أقل قَول كذوب إمعة ...
قَالَ فخليت سَبِيلهَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَعرض لَازِمَة رِكَابنَا فأميل بِنَا إِلَى
(1/175)
____
حَيّ عَظِيم فَأتى علينا طَعَام وشراب ثمَّ مضينا حَتَّى أَتَيْنَا الشَّام وقضينا حوائجنا ثمَّ رَجعْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا فِي الْمَكَان الَّذِي ميل بِنَا إِلَيْهِ إِذا أَرض قفر لَيْسَ بهَا سفر فأيقنت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنهم حَيّ من الْجِنّ فَأَقْبَلت سائرا إِلَى الدَّيْر فَإِذا هَاتِف يَهْتِف ... إياك لَا تعجل وخذها من ثِقَة ... إِنِّي أَسِير الْحَد يَوْم الحجفقة
قد لَاحَ نجم واستوى بمشرقه ... ذُو ذَنْب كالشعلة المحرقة
يخرج من ظلماء عسر موبقه ... إِنِّي امْرُؤ أنباؤه مصدقة ...
فَأَقْبَلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد ظهر ودعا إِلَى الْإِسْلَام فَأسْلمت قَالَ رجل وَأَنا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ خرجت وَصَاحب لي نُرِيد حَاجَة لنا فَإِذا شخص رَاكب حَتَّى إِذا كَانَ منا مزجر الْكَلْب هتف بِأَعْلَى صَوته أَحْمد يَا أَحْمد الله أَعلَى وأمجد مُحَمَّد أَتَانَا بإله يوحد يَدْعُو إِلَى الْخَيْر وَإِلَيْهِ فاعمد فراعنا ذَلِك فَأَجَابَهُ صَوت عَن يسَاره يَقُول ... أنْجز مَا أوعد من شقّ الْقَمَر ... حَان لَهُ وَالله إِذْ دين ظهر ... فَإِذا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَام فَأسْلمت قَالَ عمر وَأَنا كنت عِنْد دريح لنا إِذْ هتف هَاتِف من جَوْفه يَا لدريح يَا لدريح صائح يَصِيح بِأَمْر فليح ورشد نجيح يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله فَأَقْبَلت فَإِذا النَّبِي صلى قد ظهر ودعا إِلَى الله فَأسْلمت قَالَ خريم ابْن فاتك وَأَنا أضللت إبِلا لي فَخرجت فِي طلبَهَا حَتَّى إِذا كنت ببارق الْعرَاق فأنخت رَاحِلَتي ثمَّ علقتها ثمَّ أنشأت أَقُول أعوذ بِسَيِّد هَذَا الْوَادي أعوذ بعظيم هَذَا الْوَادي ثمَّ وضعت رَأْسِي على جمل فَإِذا بهاتف من اللَّيْل يَهْتِف وَيَقُول ... الا فعذ بِاللَّه ذِي الْجلَال ... ثمَّ اقْرَأ آيَات من الْأَنْفَال
ووحد الله وَلَا تبال ... مَا هول الْجِنّ من الْأَهْوَال ...
فانتبهت فَزعًا فَقلت ... يَا أَيهَا الْهَاتِف مَا تَقول ... ارشد عنْدك أم تضليل ...
فَأَجَابَنِي ... هَذَا رَسُول الله ذُو الْخيرَات ... أرْسلهُ يَدْعُو إِلَى النجَاة
وَينْزع النَّاس عَن الهنات ... يَأْمر بِالصَّوْمِ وبالصلاة ...
(1/176)
____
وَفِي الْخَبَر زِيَادَة من غير هَذَا الطَّرِيق الْهَاتِف ظهر لَهُ وَضمن عود إبِله إِلَى أَهله وَأمره بالمضي إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه مضى فَدخل الْمَدِينَة وَجَاء الْمَسْجِد وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب فَأخْبرهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِحَال الْهَاتِف وانه مِمَّن آمن بن من الْجِنّ وَهَذِه الْقِصَّة تدخل فِي مَوَاضِع من الْكتاب مِنْهَا أَن الظباء مَاشِيَة الْجِنّ وَمِنْهَا إِخْبَار الْجِنّ بِظُهُور النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْهَا دُعَاء الْإِنْس إِلَى الْإِسْلَام وَمِنْهَا دلَالَة الْجِنّ على مَا يدْفع كيدهم وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  427