فِي بَيَان هَل الْجِنّ كلهم منظرون
الْبَاب الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ فِي بَيَان هَل الْجِنّ كلهم منظرون
قَالَ ابو الشَّيْخ فِي النَّوَادِر حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن دَاوُد حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْوَهَّاب حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة حَدثنَا أَبُو معشر حَدثنَا عِيسَى ابْن أبي عِيسَى قَالَ بلغ الْحجَّاج بن يُوسُف أَن بِأَرْض الصين مَكَانا إِذا اخطأوا فِيهِ الأَرْض سمعُوا صَوتا يَقُول هَلُمَّ الطَّرِيق وَلَا يرَوْنَ أحدا فَبعث نَاسا وَأمرهمْ أَن يتخاطوا الطَّرِيق عمدا فَإِذا قَالُوا لكم هلموا الطَّرِيق فاحملوا عَلَيْهِم فانظروا مَا هم فَفَعَلُوا ذَلِك قَالَ فدعوهم فَقَالُوا هلموا الطَّرِيق فحملوا عَلَيْهِم فَقَالُوا إِنَّكُم لن ترونا فَقَالُوا مُنْذُ كم أَنْتُم هَهُنَا قَالُوا مَا نحصي السنين غير أَن الصين خربَتْ ثَمَانِي مرار وعمرت ثَمَانِي مرار وَنحن هَهُنَا
وَرَوَاهُ أَبُو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن الْمُنْذر الْهَرَوِيّ الْمَعْرُوف بشكر فِي كتاب الْعَجَائِب فَقَالَ حَدثنَا عَبَّاس الدوري حَدثنَا مُحَمَّد بن بكار حَدثنَا ابو معشر فَذكره وَقَالَ ابْن ابي الدُّنْيَا حَدثنَا زَكَرِيَّا بن الْحَارِث بن مَيْمُون
(1/207)
____
الْعَبْدي حَدثنَا معَاذ بن هِشَام عَن ابيه عَن قَتَادَة قَالَ قَالَ الْحسن الْجِنّ لَا يموتون قَالَ قلت قَالَ الله تَعَالَى {أُولَئِكَ الَّذين حق عَلَيْهِم القَوْل فِي أُمَم قد خلت من قبلهم من الْجِنّ وَالْإِنْس}
قلت وَمعنى قَول الْحسن أَن الْجِنّ لَا يموتون أَنهم منظرون مَعَ إِبْلِيس فَإِذا مَاتَ مَاتُوا مَعَه وَظَاهر الْقُرْآن يدل على أَن إِبْلِيس غير مَخْصُوص بالإنظار إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما وَلَده وقبيله فَلم يقم دَلِيل على أَنهم منظرون مَعَه وَظَاهر قَوْله تَعَالَى {فَإنَّك من المنظرين} يدل على أَن ثمَّ منظرين غير إِبْلِيس وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن مَا يدل على أَن المنظرين يهم الْجِنّ كلهم فيتحمل أَن يكون بعض الْجِنّ منظرين وَأما كلهم فَلَا دَلِيل عَلَيْهِ وَقد قدمنَا فِي أَمر الْجِنّ الوافدين على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَخْبَارًا تدل على مَوْتهمْ وَكَذَلِكَ فِي غُضُون الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة وَقد صرح ابْن عَبَّاس بذلك وَأَن إِبْلِيس مَخْصُوص بالإنظار
قَالَ أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة حَدثنَا الْوَلِيد حَدثنَا الْعَبَّاس بن حمدَان حَدثنَا مُؤَمل حَدثنَا اسماعيل عَن الْجريرِي عَن حبَان عَن زرْعَة ابْن ضَمرَة قَالَ قَالَ رجل لِابْنِ عَبَّاس أتموت الْجِنّ قَالَ نعم غير إِبْلِيس قَالَ فَمَا هَذِه الْحَيَّة الَّتِي تدعى الحان قَالَ هِيَ صغَار الْجِنّ وَقَالَ ابْن شاهين فِي غرائب السّنَن حَدثنَا عُثْمَان بن احْمَد حَدثنَا حَنْبَل ابْن اسحاق حَدثنَا سعيد بن سُلَيْمَان حَدثنَا شُعَيْب بن هَارُون حَدثنَا فُضَيْل بن كثير بن دِينَار حَدثنَا عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ إِن الدَّهْر يمر بإبليس فيهرم ثمَّ يعود ابْن ثَلَاثِينَ وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا إِبْرَاهِيم ابْن رَاشد حَدثنَا دَاوُد بن مهْرَان حَدثنَا حَمَّاد بن شُعَيْب عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ سَأَلت الرّبيع بن أنس فَقلت أَرَأَيْت هَذَا الشَّيْطَان الَّذِي مَعَ الْإِنْسَان لَا يَمُوت قَالَ وَشَيْطَان وَاحِد هُوَ أَنه ليتبع الرجل الْمُسلم فِي الْفِتْنَة مثل ربيعَة وَمُضر قَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا زَكَرِيَّاء بن الْحَارِث بن مَيْمُون الْعَبْدي
(1/208)
____
حَدثنَا معَاذ بن هِشَام عَن أَبِيه عَن قَتَادَة عَن عبد الله بن الْحَارِث قَالَ الْجِنّ يموتون وَلَكِن الشَّيْطَان بكر البكرين لَا يَمُوت قَالَ قَتَادَة أَبوهُ بكر وَأمه بكر وَهُوَ بكرهما وَأوردهُ أَبُو الشَّيْخ فِي كتاب العظمة فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا معَاذ فَذكره وَالله أعلم حشر الْجِنّ
فصل فِي حشر الْجِنّ قَالَ الله تَعَالَى {وَيَوْم نحشرهم جَمِيعًا} الْآيَة روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ يحْشر الله تَعَالَى الْجِنّ وَالْإِنْس فِي الأَرْض الَّتِي قد مدت مد الْأَدِيم العكاظي ينفذهم الْبَصَر وَيسْمعهُمْ الدَّاعِي وَينزل سبط من الْمَلَائِكَة فيطوفون بالإنس وَالْجِنّ ثمَّ ينزل سبط ثَان فيطوفون بِالْمَلَائِكَةِ ثمَّ ثَالِث ثمَّ ذكر السَّادِس ذكره إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي الشَّامِل
قَالَ وَمن صَحِيح الْأَخْبَار أَن الأَرْض إِذا زلزلت وسير جبالها فتحاول الْجِنّ النّفُوذ من أقطار السَّمَوَات فيلقون ثَمَانِيَة عشرَة صفا من الْمَلَائِكَة حراسا فيضربون وُجُوههم وَيَقُولُونَ إِلَيْكُم {لَا تنفذون إِلَّا بسُلْطَان} قَالَ وَهَذَا الحَدِيث أوردهُ الضَّحَّاك فِي تَفْسِيره وَغَيره وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم