• !
×

rasl_essaher

فِي بَيَان طُلُوع الشَّمْس بَين قَرْني الشَّيْطَان

الْبَاب الرَّابِع عشر بعد الْمِائَة فِي بَيَان طُلُوع الشَّمْس بَين قَرْني الشَّيْطَان

روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث عَمْرو بن عبسة قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَي اللَّيْل أسمع قَالَ جَوف اللَّيْل الآخر فصل مَا شِئْت فَإِن الصَّلَاة مَشْهُودَة مَكْتُوبَة حَتَّى تصلي الصُّبْح ثمَّ أقصر حَتَّى تطلع الشَّمْس فترتفع قيد رمح أَو رُمْحَيْنِ فَإِنَّهَا تطلع بَين قَرْني شَيْطَان فَيصَلي لَهَا الْكفَّار ثمَّ صل مَا شِئْت فَإِن الصَّلَاة مَشْهُودَة مَكْتُوبَة حَتَّى يعدل الرمْح ظله ثمَّ أقصر فَإِن جَهَنَّم تسجر وتفتح أَبْوَابهَا فَإِذا زاغت الشَّمْس فصل مَا شِئْت فَإِن الصَّلَاة مَشْهُودَة مَكْتُوبَة حَتَّى تصلي الْعَصْر ثمَّ أقصر حَتَّى تغرب الشَّمْس فَإِنَّهَا تغرب بَين قَرْني شَيْطَان وَيُصلي لَهَا الْكفَّار
وروى مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله الصنَابحِي أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن الشَّمْس تطلع وَمَعَهَا قرن الشَّيْطَان فَإِذا ارْتَفَعت فَارقهَا ثمَّ إِذا اسْتَوَت قارنها فَإِذا دنت للغروب قارنها وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الصَّلَاة فِي تِلْكَ الْأَوْقَات
قَالَ ابْن عبد الْبر تَابع يحيى على قَوْله فِي هَذَا الحَدِيث عَن عبد الله الصنَابحِي جُمْهُور الروَاة مِنْهُم العقبي وَغَيره وَقَالَ مطرف عَن مَالك عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي عبد الله الصنَابحِي وَتَابعه إِسْحَاق بن عِيسَى الطباع وَهُوَ الصَّوَاب وَهُوَ أَبُو عبد الله الصنَابحِي واسْمه عبد الرَّحْمَن بن غسيلة وَهُوَ من كبار التَّابِعين وَلَا صُحْبَة لَهُ توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل قدومه الْمَدِينَة بِخمْس لَيَال وللعلماء فِي معنى الحَدِيث قَولَانِ
أَحدهمَا أَن ذَلِك اللَّفْظ على حَقِيقَته وَأَنَّهَا تغرب وتطلع على قرن شَيْطَان وعَلى رَأس شَيْطَان وَبَين قَرْني شَيْطَان على ظَاهر الحَدِيث حَقِيقَة لَا مجَازًا
(1/249)
____
من غير تكييف لِأَنَّهُ لَا يكيف مَا لَا يرى وَحجَّة من قَالَ هَذَا القَوْل حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ لَهُ أرايت مَا جَاءَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أُميَّة بن أبي الصَّلْت آمن شعره وَكفر قلبه قَالَ هُوَ حق فَمَا أنكرتم من شعره قَالُوا أَنْكَرْنَا قَوْله ... وَالشَّمْس تطلع كل آخر لَيْلَة ... حَمْرَاء يصبح لَوْنهَا يتورد
لَيست بطالعة لَهُم فِي رسلها ... إِلَّا معذبة وَإِلَّا تجلد ...
فَمَا بَال الشَّمْس تجلد فَقَالَ وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ مَا طلعت الشَّمْس قطّ حَتَّى ينخسها سَبْعُونَ ألف ملك وَيَقُولُونَ لَهَا اطلعِي اطلعِي فَتَقول لَا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله فيأتيها ملك من الله عز وَجل يأمرها بالطلوع فيستقبل الضياء بني آدم فيأتيها شَيْطَان يُرِيد أَن يصدها عَن الطُّلُوع فَتَطلع بَين قرنيه فيحرقه الله تَعَالَى تحتهَا وَمَا غربت الشَّمْس قطّ إِلَّا خرت لله تَعَالَى سَاجِدَة فيأتيها شَيْطَان يُرِيد أَن يصدها عَن السُّجُود فتغرب بَين قرنيه فيحرقه الله تَعَالَى تحتهَا فَذَلِك قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا طلعت إِلَّا بَين قَرْني شَيْطَان وَلَا غربت إِلَّا بَين قَرْني شَيْطَان
وَقَالَ آخَرُونَ معنى هَذَا الحَدِيث عندنَا على الْمجَاز واتساع الْكَلَام وَأَنه أُرِيد بقرن الشَّيْطَان هُنَا أمة تعبد الشَّمْس وتسجد لَهَا وَتصلي فِي حِين غُرُوبهَا وطلوعها تقصد بذلك الشَّمْس من دون الله وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يكره التَّشَبُّه بالكفار وَيجب مخالفتهم فَنهى عَن الصَّلَاة فِي هَذِه الْأَوْقَات لذَلِك وَهَذَا التَّأْوِيل جَائِز فِي لُغَة الْعَرَب مَعْرُوف فِي لسانها لِأَن الْأمة تسمى عِنْده قرنا والأمم قرونا وَقَالَ عز وَجل {وَكم أهلكنا قبلهم من قرن} وَقَالَ تَعَالَى {وقرونا بَين ذَلِك كثيرا} وَقَالَ تَعَالَى {فَمَا بَال الْقُرُون الأولى} وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير النَّاس قَرْني وَجَائِز أَن يُضَاف الْقرن إِلَى الشَّيْطَان لطاعتهم لَهُ وَقد سمى الله تَعَالَى الْكفَّار حزب الشَّيْطَان وَمن حجَّة من تَأَول هَذَا التَّأْوِيل من طَرِيق الْآثَار حَدِيث
(1/250)
____
عَمْرو بن عبسة السّلمِيّ الَّذِي قدمْنَاهُ وَحَدِيث أبي أُمَامَة عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالله أعلم

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  327