• !
×

rasl_essaher

عوامل التعرية

عوامل التعرية
التعرية النهرية
...
ثانيا: عوامل التعرية:
أ- التعرية النهرية:
الأنهار بما تقوم به من نحت ونقل وإرساب هي أهم عوامل التعرية جميعا في تشكيل سطح الأرض، ويرجع ذلك إلى أن أثرها لا يقتصر على المناطق الدائمة أو الفصلية المطر، بل يتعداها إلى المناطق الصحراوية الجافة التي تسقط عليها أمطار فجائية بين حين وآخر فتنشئ سيولا جارفة تحفر لنفسها أودية لا تختلف كثيرا في مظهرها عن أودية الأنهار الدائمة الجريان. وكذلك تخترق كثير من الأنهار نطاقات صحراوية نابعة من مناطق بعيدة ومنها نهر النيل ونهر السند. وفي المناطق الباردة تتحول بعض الأنهار الجليدية إلى أنهار تجري فيها مياه الجليد الذائب.
مصادر مياه الأنهار:
مياه الأمطار هي المصدر الرئيسي لكل أنواع المياه التي تجري جريانا سطحيا فوق قشرة الأرض. وحين تسقط الأمطار يتبخر بعضها، ويتسرب بعضها في مسام الصخور وخلال فتحات الشقوق والفوالق الصخرية، أو يختزن في البحيرات والمستنقعات والغطاءات الجليدية والأنهار الجليدية، بينما ينحدر الباقي مكونا للأنهار، من هذا نرى أن مياه الأمطار ترد إلى الأنهار من:
1- التدفق السطحي عقب سقوط الأمطار مباشرة.
2- المياه الجوفية المختزنة في مسام الصخور، وهي تتسرب إلى الأنهار تسربا جانبيا، فتعوض ما تفقده المجاري المائية من المياه نتيجة للتبخر. مثال ذلك ما يتسرب من مياه إلى نهر النيل في فترة التحاريق من طبقة المياه الجوفية في الصحراء الشرقية والصحراء الغربية.
3- المياه الذائبة من الجليد "كنهر الرون في فرنسا الذي ينبع من ثلاجة الرون"، والمنطلقة من البحيرات "كنهر النيل الذي ينبع من البحيرات الاستوائية"، والمنبثقة من العيون والينابيع "كنهر التيمز في إنجلترا وأنهار لبنان". وسقوط الأمطار هو الخطوة الأولى في سبيل تكوين الأنهار وتتفاوت كميات الأمطار التي تسقط في جهات العالم تفاوتا كبيرا، كما تختلف مواسم سقوطها اختلافا واضحا. ولهذا الاختلاف الكبير في كمية الأمطار ونظام سقوطها أثر مباشر في مائية الأنهار، وما تؤديه من أعمال النحت والنقل.
كيف تنشأ الأنهار:
حينما تسقط الأمطار أو تذوب الثلوج في جهة من الجهات المرتفعة فإن مياهها تنحدر على سطح الأرض، وتكون مسيلات غير محددة الجوانب، ويتفق اتجاهها مع الانحدار العام لسطح الأرض. ولا تلبث هذه المسيلات أن تتجمع في مجار مائية محدودة الجوانب صغيرة الحجم. ثم تتلاقى هذه المجاري الصغيرة مكونة مجاري أكبر فأكبر حتى تكون في النهاية مجاري رئيسية تحمل المياه وتلقي بها في بحر كنهر النيل، أو في محيط كنهر زائير "الكونغو"، أو في بحيرة أو بحر داخلي كنهر الفولجا، أو في مستنقع مالح كنهر تاريم في آسيا. ويلتقي بالنهر أثناء جريانه من منبعه إلى مصبه عدد من الأنهار تدعى بالروافد وينشأ بذلك نظام نهري يشغل مساحة تجميع للمياه تسمى حوضا. ويحيط بالحوض خط تقسيم مياه رئيسي يفصل بينه وبين حوض نهر آخر.
نظم جريان الأنهار:
يقصد بنظام جريان النهر، التفاوت الفصلي في مقدار ما يجري به من مياه وتتجه العناية إلى دراسة نظم جريان الأنهار لما لها من ارتباط وثيق بالمشروعات الخاصة بالتحكم في الفيضان وتوليد القوى الكهربائية. ويتوقف نظام جريان أي نهر على عدة عوامل هي:
1- انحدار سطح الأرض:
فكلما اشتد انحدار الأرض كلما زاد انصراف المياه في النهر، وعلا مستواها، وعظم خطرها. مثال ذلك نهر دجلة الذي يجري بالقرب من جبال زاجروس، ويتلقى مياه عديد من النهيرات التي تتميز بانحدارات شديدة جدا، ومن ثم يتميز بفيضانات فجائية مخربة. وبسبب سرعة تدفق المياه إليه

يأتي فيضانه في شهر أبريل مبكرا عن فيضان نهر الفرات "في شهر مايو" شهرا كاملا.
2- نظام التساقط وكميته في مختلف فصول السنة:
سواء كان التساقط على هيئة مطر أو ثلج، فالأنهار التي تنبع وتجري في أقاليم مطرها منتظم الكمية والتوزيع طول العام تحافظ على مستوى المياه فيها إلى حد كبير ومنها الأنهار التي تجري في الجهات الاستوائية كنهر الأمزون. ومثل هذه الأنهار يعلو مستوى مياهها بعض الشيء في الاعتدالين، بينما الأنهار التي تستقي مياهها من أمطار تسقط في الشتاء فقط أو في الصيف فقط، نجدها تفيض وتمتلئ بالمياه في فصل المطر، وينخفض مستواها في فصل الجفاف. ومنها أنهار إقليم البحر المتوسط التي تفيض شتاء، وأنهار الإقليم الموسمي التي تفيض صيفا كنهر إيراوادي. ويفيض نهر النيل صيفا نتيجة لسقوط الأمطار في منطقة منابعه بالهضبة الحبشية.
وإذا كان النهر يستمد مياهه من ذوبان الثلوج المتراكمة فوق المرتفعات عند منابعه فإن موسم فيضانه يتفق مع الربيع وأوائل الصيف، مثال ذلك نهر الفرات الذي يصل إلى أقصى منسوب له في شهر مايو حين يعظم ذوبان الثلوج في الأجزاء العليا من حوضه، بينما يصل مستوى الماء فيه إلى أدناه في الخريف عقب فصل الصيف الطويل الحار الجاف.
3- وجود حقول أو أنهار جليدية:
فإن كان النهر يستمد مياهه كلية من ذوبان الثلوج والجليد في منابعه، فإن فترة انخفاض مياه النهر تتفق مع موسم التجمد الشتوي، وهذه مشكلة تواجه محطات توليد الكهرباء في المناطق الألبية، أما الفيضان فيحدث أثناء ذوبان الثلوج في الربيع وأوائل الصيف.
هذا ويساعد الأنهار على الاحتفاظ بمستوى مياه مناسب في مجاريها عدة عوامل هي:
1- وجود صخور مسامية في النطاق الذي يجري به النهر: فهي تعمل على امتصاص المياه أثناء ارتفاع منسوب مياه النهر وتعيدها إليه وقت التحاريق. وقد سبق أن ضربنا لذلك مثلا بنهر النيل 2- كثافة الغطاء النباتي الذي يكسو الأرض التي يجري بها النهر: فهي تعوق سير المياه. ومن ثم يقل تدفقها وقت الفيضان، فتتصرف في المجرى بالتدريج، مثال ذلك نهر الأمزون الذي يجري خلال نطاق من الغابات الاستوائية الكثيفة.
3- مرور النهر في مناطق حوضية أو بحيرات تعمل على تنظيم تدفق المياه فيه حين يخرج منها. فهي بمثابة خزانات تحتجز فيها المياه الزائدة. وتغذيه بها وقت الانخفاض. مثال ذلك نهر الرون الذي يمر ببحيرة جنيف والراين ببحيرة كونستنس، ونهر النيل بالبحيرات الاستوائية وبحيرة نو.
4- تعدد المصادر التي تغذي النهر بالمياه:
كأن يتلقى النهر مياها من ذوبان الثلوج في الربيع والصيف ومياها من أمطار الخريف والشتاء كنهر الجارون في فرنسا. أو أن يجري النهر في أقاليم مناخية مختلفة، تسقط فيها الأمطار وتذوب الثلوج في مواسم متباينة كنهر الراين والدانوب في أوربا ونهر المسيسبي في أمريكا الشمالية.

الأنهار كعامل نحت ونقل وإرساب:
بعد أن يتكون النهر، يركز كل جهوده في أعمال التعرية، فتنشط مياهه في تفتيت الصخور، وفي حمل الفتات الصخري إلى حيث يمكن إرسابه.
النحت النهري:
يتخلص فعل الأنهار كعامل نحت في أربع عمليات هي
1- فعل المياه:
ويتمثل في قوة تحركها في مجاريها. فللمياه المتدفقة مقدرة على اكتساح المواد المفككة التي تصادفها، كما تدخل المياه في الشقوق وتتماوج فيها وتساعد على تحطيم الصخر الصلب. وللاضطرابات المائية والدوامات التي تنشأ عند منحنيات المجرى تأثير قوي. فهي تعمل على نحت ضفاف المجرى، خصوصا إذا كانت تتركب من صخور رملية ضعيفة التماسك أو صخور صلصالية وحصوية "شكل 49".

شكل "49": عمليات النحت النهرى.
2- عملية نحت الجوانب والقاع:
ويستعين النهر في ذلك بحمولته التي يستخدمها كأداة طحن وسحق. ويشتد فعل هذه العملية حيث تستطيع الدوامات المائية إدارة الحصى في الفجوات التي توجد في قاع المجرى، فتنحت ما يسمى بالحفر الوعائية. ونتيجة لنحت القاع وجرف مواده يزداد عمقه.
3- عملية احتكاك المواد الصخرية ببعضها:
تحتك المواد الصخرية التي تجرفها مياه النهر ببعضها، كما تحتك بالقاع وبالجوانب وينشأ عن ذلك تحطمها وتفتيتها إلى جزيئات أصغر فيسهل على مياه النهر حملها ونقلها.
الإذابة والتحلل:
تستطيع مياه النهر بما تحويه من غازات ومواد مذابة أن تذيب بعض أنواع الصخور التي يتألف منها سطح الأرض. وتعد الصخور الجيرية أكثر الصخور قابلية للذوبان، لهذا كانت الأنهار التي تجري في مناطق تتركب من تلك الصخور أقدر على النحت وعلى تكوين أودية عميقة ومتسعة من تلك التي في صخور نارية أو رملية.
وتعمل مياه النهر أيضا على تفكك وتحلل الصخور غير القابلة للذوبان. فلا يذوب الصخر كلية في هذه الحالة، وإنما تحلل المياه بعض العناصر التي تدخل في تكوينه، فيختل ويفقد تماسكه.

النقل النهري:
يستهلك النهر جزءا من طاقته في الاحتكاك بقاعه وجوانبه، وجزء آخر في نقل حمولته. وتتألف حمولة النهر من المواد التي فتتتها عوامل التجوية ومن الرواسب التي نحتتها مياه النهر ذاته. وتعظم مقدرة النهر على الحمل حينما تكثر مياهه وتزداد سرعة تياره في زمن الفيضان.
وتتألف حمولة النهر من نوعين من المواد:
1- مواد ذائبة:
سبق أن عرفت أن بعض أنواع الصخور يقبل الذوبان في الماء العادي كالملح الصخري أو في الماء المذاب فيه ثاني أكسيد الكربون كالحجر الجيري. فالأمطار التي تغذي الأنهار تذيب أثناء سقوطها بعضا من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الجو. ومن ثم تستطيع مياه النهر أن تذيب كثيرا من الصخور الجيرية. خصوصا إذا كان النهر يجري على جميع طوله فوق أرض جيرية كنهر شانون في أيرلندا.
كما أن المياه الباطنية، التي تخرج من جوانب النهر ومن قاعه وتساهم في مائية النهر، تحوي الكثير من هذه المواد الذائبة. وتحمل الأنهار إلى مصباتها مقدارا هائلا من تلك المواد الذائبة. فقد قدر ما يحمله نهر المسيسبي منها كل عام بنحو 136 مليون طن.
2- مواد غير ذائبة:
وتتركب من الحطام الصخري المختلف الأحجام. ويستطيع النهر نقل هذه المواد على اختلاف أحجامها بعدد من الطرق:
فهو يحمل حبيبات الرواسب الدقيقة كمادة تعلق في مياهه وتسمى هذه بالحمولة العالقة.

وتتحرك الحبيبات الكبيرة على قاع المجرى بقوة دفع التيار عن طريق القفز فهي تلمس قاع النهر على فترات.
أما الحصى فيتدحرج على القاع بقوة الجاذبية ودفع المياه.
ولا يستطيع تيار النهر في العادة أن يدفع بالكتل الصخرية الكبيرة إلا في زمن الفيضان حين تكثر مياهه.
وتسمى حمولة المواد التي تتحرك على امتداد القاع سواء بالقفز أو التدحرج أو الجر بحمولة القاع أو حمولة الجر.
ولا ينقل النهر جميع هذه المواد بدرجة واحدة في جميع أجزاء مجراه. ففي الأجزاء العليا من المجرى حيث تعظم سرعة المياه يقوى النهر على حمل المواد المختلفة سواء كانت كبيرة أو صغيرة. أما حيث يهدأ التيار وتقل سرعة المياه فإن مقدرة النهر على حمل هذه المواد تقل، ويحدث ذلك على الخصوص في المجرى الأدنى من النهر، وتبعا لذلك ترسب المواد في قاع النهر وعلى جوانبه.
ومن هذا نرى أن النهر يوزع رواسبه توزيعا منتظما على حجم المواد التي تتألف منها تلك الرواسب، وثقل المعادن التي تدخل في تركيبها. ففي المنابع والأجزاء العليا من المجرى ترسب الكتل الصخرية والحصى، وفي الأجزاء الدنيا ترسب المواد الدقيقة كالرمال والطين، وتكون حمولة النهر في جزئه الأدنى من الدقة والتناسق لدرجة أن المياه غالبا ما تكون ذات لون بني داكن.
وقد أحصيت كميات الرواسب التي يحملها نهر النيل وتمر عند وادي حلفا بنحو 100 مليون طن كل سنة، منها نحو 30 مليون طن من الرمال الدقيقة وحوالي نفس القدر من الصلصال، والباقي "40 مليون طن" من الغرين. ومعظم هذه المواد قد اشتقت من تعرية الصخور البركانية في هضبة الحبشة وهي غنية بالمعادن التي ساعدت على تخصيب الأرض المصرية حينما كانت تنتشر عليها مع مياه كل فيضان. وقد بدأ السد العالي منذ عام 1967 في حجز مياه الفيضان، وأمامه يتم إرساب قدر هائل من المواد العالقة.

ويحمل نهر المسيسبي كل سنة نحو 340 مليون طن من المواد العالقة، و 400 مليون طن عن طريق الجر "حمولة القاع".
ويقدر العلماء أن المياه الجارية تكتسح كل عام نحو 50 طنا من المواد الذائبة و300 طن من المواد الصلبة من كل ميل مربع واحد من سطح الأرض.

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  973