فِي تعرضة ليحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام
الْبَاب الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة فِي تعرضة ليحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلَام
قَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد أخبرنَا أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْعَنْبَري حَدثنَا مُحَمَّد بن يزِيد بن حنيش عَن وهب بن الْورْد قَالَ بلغنَا أَن الْخَبيث إِبْلِيس تبدى ليحيى بن زَكَرِيَّا فَقَالَ إِنِّي أُرِيد أَن أنصحك قَالَ كذبت أَنْت لَا تنصحني وَلَكِن أَخْبرنِي عَن بني آدم قَالَ هم عندنَا على ثَلَاثَة أَصْنَاف أما صنف مِنْهُم فهم أَشد الْأَصْنَاف علينا نقبل عَلَيْهِ حَتَّى نفتنه ونستكن مِنْهُ ثمَّ يتفرغ للاستغفار وَالتَّوْبَة فَيفْسد علينا كل شَيْء أدركنا مِنْهُ ثمَّ نعود لَهُ فَيَعُود فَلَا نَحن نيأس مِنْهُ وَلَا نَحن ندرك مِنْهُ حاجتنا فَنحْن من ذَلِك فِي عناء وَأما الصِّنْف الآخر فهم فِي أَيْدِينَا بِمَنْزِلَة الكرة فِي أَيدي صِبْيَانكُمْ نتلقفهم كَيفَ شِئْنَا قد كفونا أنفسهم وَأما الصِّنْف الآخر فهم مثلك معصومون لَا نقدر مِنْهُم على شَيْء قَالَ يحيى على ذَلِك هَل قدرت مني على شَيْء قَالَ لَا إِلَّا مرّة وَاحِدَة فَإنَّك قدمت طَعَاما تَأْكُل فَلم أزل أشهيه إِلَيْك حَتَّى أكلت مِنْهُ أَكثر مِمَّا تُرِيدُ فَنمت تِلْكَ اللَّيْلَة فَلم تقم إِلَى الصَّلَاة كَمَا
(1/276)
____
كنت تقوم إِلَيْهَا فَقَالَ لَهُ يحيى لَا جرم لَا شبعت من طَعَام أبدا قَالَ لَهُ الحَدِيث لاجرم لَا نصحت نَبيا بعْدك وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنِي عَليّ بن مُسلم حَدثنَا سيار حَدثنَا جَعْفَر حَدثنَا ثَابت البنائي قَالَ بلغنَا أَن إِبْلِيس ظهر ليحيى بن زَكَرِيَّا فَرَأى عَلَيْهِ معاليق من كل شَيْء فَقَالَ يحيى يَا إِبْلِيس مَا هَذِه المعاليق الَّتِي أرى عَلَيْك قَالَ هَذِه الشَّهَوَات الَّتِي أصبت بِهن ابْن آدم قَالَ فَهَل لي فِيهَا من شَيْء قَالَ رُبمَا شبعت فنقلناك عَن الصَّلَاة ونقلناك عَن الذّكر قَالَ فَهَل غير ذَلِك قَالَ لَا وَقَالَ لله على أَن لَا أملأ بَطْني من طَعَام أبدا قَالَ إِبْلِيس وَللَّه على أَن لَا أنصح مُسلما أبدا لعنة الله عَلَيْهِ وَقَالَ ابْن أبي الدُّنْيَا حَدثنَا مُحَمَّد ابْن يحيى الْمروزِي حَدثنَا عبد الله بن خيبق قَالَ لَقِي يحيى بن زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام إِبْلِيس فِي صورته فَقَالَ لَهُ يَا إِبْلِيس أَخْبرنِي مَا أحب النَّاس إِلَيْك وَأبْغض النَّاس إِلَيْك قَالَ أحب النَّاس إِلَيّ الْمُؤمن الْبَخِيل وأبغضهم إِلَيّ الْفَاسِق السخي قَالَ يحيى وَكَيف ذَلِك قَالَ لِأَن الْبَخِيل قد كفاني بخله وَالْفَاسِق السخي أَتَخَوَّف أَن يطلع الله عَلَيْهِ فِي سخاه فيقبله ثمَّ ولى وَهُوَ يَقُول لَوْلَا أَنَّك يحيى لم أخْبرك وَالله أعلم