الباب الخامس: الغلاف الجوي
مدخل
...
البَاب الخَامِس: الغِلَاف الجوّي:
تعريفه:
الغلاف الجوي -أو الهواء المحيط بنا- عبارة عن طبقة غازية تحيط بالكرة الأرضية، ويبلغ سمك هذه الطبقة حوالي 350 كيلو مترا فوق سطح البحر. وتحدث في الجزء الأسفل من الغلاف الجوي كثير من المظاهر المناخية من حرارة وتكاثف بخار الماء وتساقطه، وهذا الجزء هو الذي يهمنا من الوجهة المناخية.
العناصر التي يتكون منها الغلاف الجوي:
يتكون الغلاف الجوي من أربعة عناصر "غازات" معروفة في الطبيعة هي "شكل 96":
1- النيتروجين "الآزوت" 78.21%
2- الأوكسجين 20.96%
3- أرجون 00.79%
4- ثاني أكسيد الكربون 00.04%
ولا تتفاعل هذه الغازات مع بعضها لأن كلا منها يحتفظ بخواصه مستقلة في الجو، ولولا ذلك لتحول الغلاف الجوي أو الهواء إلى عنصر واحد لا يكون له خواص ومؤثرات الهواء الحالي.
وإلى جانب الغازات السابقة هناك مواد عالقة بالغلاف الجوي لها تأثيراتها المناخية الواضحة، وأهم هذه المواد الغبار وبخار الماء.
العوامل الرئيسية التي يتوقف عليها المناخ:
تطالعنا الصحف كل يوم بحالة الطقس من حيث الحرارة والرياح والأمطار.
كما أن المذياع والتليفزيون ينقلان إلينا أيضا طقس اليوم لما له من أهمية. إذ إنه لا يمكن مزاولة العمل بنجاح بالنسبة للفلاح إذا جاء اليوم غير صحو أو غير مشمس، وبالنسبة لقائد السفينة الشراعية إذا جاءت الريح غير مناسبة. ودراستنا هذه لا تختص بحالة الطقس وحده، وإنما تهمنا كجغرافيين بصفة خاصة حالة المناخ. وعلى ذلك يجب أن نفرق بين الطقس والمناخ:
شكل "96": العناصر التي يتكون منها الهواء
ويقصد بالطقس حالة الجو في مكان ما من حيث الحرارة والرطوبة والرياح والأمطار لمدة قصيرة قد تكون يوما أو بعض يوم، ولذلك فإنه لا بد من نشر حالة الطقس بانتظام في كل يوم عن طريق محطات خاصة تسمى محطات الأرصاد الجوية التي تهتم بتدوين أي تغيرات في حالة الجو.
أما المناخ فهو متوسط حالة الجو لمدة طويلة قد تكون شهرا أو فصلا أو سنة. فيقال مثلا إن مناخ إقليم البحر المتوسط، دفيء ممطر شتاء، حار جاف صيفا، والصحراء الكبرى مثلا مناخها حار جاف طول العام.
وهناك عوامل رئيسية لها أثر واضح في الحالة المناخية لأي مكان على سطح الأرض هي:
أولا: موقع المكان بالنسبة لخط العرض:
يتأثر مناخ أي مكان بحسب قربه أو بعده عن خط الاستواء، فكلما كان المكان قريبا من خط الاستواء ارتفعت درجة حرارته. وكلما بعد عنه انخفضت درجة حرارته. والسبب في ذلك أن الجهات الاستوائية أكثر من غيرها تعرضا لأشعة الشمس العمودية. "شكل 97".
فالأشعة التي تصل عمودية إلى الأرض تكون أقوى من الأشعة التي تصلها مائلة، لأن الأشعة المائلة تخترق مسافة أطول في الجو، فتفقد قسما أكبر من قوتها، بينما الأشعة العمودية التي تخترق مسافة أقصر تفقد قسما أقل. أضف إلى ذلك أن الأشعة العمودية تتركز في مساحة أصغر من سطح الأرض فتزداد قوتها ويعظم تأثيرها، بينما تتوزع الأشعة المائلة على مساحة أكبر فيقل تركيزها ويضمحل تأثيرها "شكل 97".
شكل "97": الأشعة العمودية "أ"، الأشعة المائلة "ب"
ثانيا: توزيع اليابس والماء:
ترسل الشمس أشعتها إلى سطح الكرة الأرضية فيسخن اليابس والماء، ولكن اليابس يسخن بسرعة أكثر من الماء.
وسبب ذلك طبيعة الماء السائلة، وتحركه في هيئة أمواج وتيارات مائية وحركات مد وجزر، كل ذلك يؤدي إلى توزيع الحرارة على سطوح أكبر من الماء، وعدم حصرها في جزء محدود كما هو الحال في اليابس. أضف إلى ذلك أن أشعة الشمس تستطيع أن تنفذ خلال الماء إلى عمق كبير بسبب شفافيته مما يؤدي إلى توزيع الإشعاع الشمسي في سمك كبير من الماء، بينما يتركز الإشعاع في سمك رقيق في حالة اليابس المعتم الذي يتصف برداءة التوصيل للحرارة.
وبما أن الأجسام التي تمتص حرارتها بسرعة تفقدها بسرعة أيضا، فإن اليابس يبرد بسرعة في حين يبرد الماء ببطء، ويترتب على ذلك أن هواء البحر يكون أبرد من هواء اليابس في فصل الصيف وأدفأ منه في فصل الشتاء. ولهذا يؤثر البحر في مناخ الجهات القريبة منه.
ثالثا: الارتفاع أو الانخفاض عن سطح البحر "التضاريس":
من المعروف أن درجة الحرارة تنخفض درجة مئوية واحدة كلما ارتفعنا عن سطح البحر بمقدار 150 مترا. والعكس فإن درجة الحرارة ترتفع درجة مئوية واحدة كلما انخفضنا عن سطح البحر بمقدار 150 مترا. وعلى ذلك فإن المرتفعات أقل حرارة من السهول المنخفضة، لهذا نجد سكان السهول يتخذون المرتفعات كمصيف وقت اشتداد الحرارة والرطوبة في السهول.
ويدل انخفاض درجة الحرارة مع الارتفاع على أن سطح الأرض هو مصدر الحرارة التي تسخن الهواء، أي أن الهواء يسخن بملامسته لسطح الأرض. ومع أن أشعة الشمس تسخن طبقات الهواء العلوي بطريق مباشر أثناء مرورها خلالها في طريقها إلى سطح الأرض، إلا أن مقدرة الهواء العلوي على امتصاص أشعة الشمس ضعيفة بعكس الطبقات السفلى من الهواء التي تستطيع امتصاص كمية أكبر من الإشعاع الشمسي، بسبب كثرة ما يعلق بها من غبار وبخار ماء.
رابعا: التيارات البحرية:
تدفع الرياح المياه السطحية في البحار والمحيطات، وتسبب لذلك تيارات بحرية تسير بحذاء شواطئ القارات، وتؤثر هذه التيارات على مناخ الجهات الساحلية لهذه القارات. فإن كانت آتية من جهات أبرد من الجهات الساحلية التي تسير إليها تسبب انخفاضا في درجة الحرارة وجفافا في المناخ. أما إذا كانت آتية من جهات أدفا من الجهات التي تقصدها سبب ذلك ارتفاعا في درجة الحرارة ورطوبة في الجو.
فلو نظرت إلى شكل "98" ترى أنه يوجد بالمحيط الأطلنطي تيارات دفيئة تدفعها الرياح العكسية الجنوبية الغربية نحو أوروبا، فتجلب الأمطار والدفء، إلى السواحل الغربية للقارة. وهناك تيارات باردة تأتي إلى السواحل الشمالية الغربية لقارة أفريقية، وكذلك إلى الجهات الجنوبية الغربية منها "تتبعها على الخريطة" في حين أن التيارات الاستوائية تكون دافئة دائما سواء في شرق القارة أو غربها، فتزيد من حرارة الجهات الساحلية الاستوائية، وتزيد أيضا من رطوبتها.
شكل "98": التيارات البحرية خامسا: الرياح:
للرياح تأثير كبير على مناخ الإقليم الذي تهب عليه، فإذا كانت تهب من جهات دفيئة فإنها ترفع حرارة الأقليم، أما إذا كانت تهب من جهات باردة فإنها تخفض من درجة حرارته. وإذا كانت الرياح محملة ببخار الماء وانخفضت درجة حرارتها أثناء هبوبها فإنها تسقط الأمطار، أما إذ كانت آتية من جهات جافة كالصحاري مثلا فلا تسقط أمطارا.
الفَصلُ الأول: دَرَجَة الحَرَارة
مصدر حرارة الجو:
تعتبر درجة الحرارة أهم عنصر من عناصر المناخ، نظرا لأنها تؤثر على بقية العناصر الأخرى من ضغط جوي ورياح ورطوبة. وللحرارة آثار واضحة على الإنسان والحيوان والنبات. وترجع حرارة الجو أصلا إلى الشمس التي تحمل أشعتها الضوء والحرارة في وقت واحد إلى الأرض، وتكون هذه الأشعة عمودية على خط الاستواء، ومائلة على خطوط العرض الأخرى، ويزداد ميلها كلما اقتربنا من القطبين "انظر شكل 97" وهذا الميل يضعف أثرها الحراري، لأنها تخترق طبقة سميكة من الغلاف الجوي، كما أنها تنتشر على مساحة أكبر من سطح الأرض.
بالإضافة إلى حرارة الشمس فإن حرارة الأرض الباطنية أو الإشعاع الأرضي، الذي يتمثل في أشعة قاتمة، له أثر ضعيف جدا بالنسبة لأشعة الشمس، حيث إنه يعطي حرارة ولا يعطي ضوءا. ووظيفة الإشعاع الأرضي رد الحرارة الشمسية من الأرض إلى الهواء.
قياس وتسجيل درجة الحرارة:
أولا: تقاس درجة الحرارة عن طريق:
1- قياس درجة الحرارة العادية.
2- قياس أعلى وأدنى درجة للحرارة. ويتم القياس بواسطة الترمومتر "شكل 99" وهو عبارة عن أنبوبة رفيعة من الزجاج مدرجة بها بعض الزئبق الذي يمتد وينكمش تبعا لارتفاع وانخفاض درجة الحرارة.
وهناك أنواع من الترمومترات نذكر منها:
النوع الأول: وهو ترمومتر مئوي، ودرجاته من الصفر، وهي الدرجة التي يتجمد عندها الماء "درجة التجمد". وينتهي عند درجة 100، وهي درجة غليان الماء "درجة الغليان".
شكل "99": ترمومتر مئوي وفهرنهيتي النوع الثاني: وهو ترمومتر فهرنهيتي، ودرجاته تبدأ من درجة 32 وهي درجة التجمد. وتنتهي بدرجة 212 وهي درجة الغليان.
ومعنى ذلك أن الدرجة المئوية تعادل 1.8 درجة فهرنهيتية، ولما كان النوع الأول أسهل من النوع الثاني، فقد أخذ به في أغلب جهات العالم، ومنها جمهورية مصر العربية، إلا أن هناك نوعا من الترمومترات يدرج أحد جانبيه بالتدريج المئوي، والجانب الآخر بالتدريج الفهرنهيتي. ويجب أن يوضع هذا الترمومتر في وضع رأسي دائما "كما هو موضح بالشكل".
وهناك أيضا ترمومترات خاصة تقيس النهايتين العظمى والصغرى لدرجة الحرارة "شكل 100" ويجب أن توضع ترمومترات النهايتين العظمى والصغرى في وضع أفقي دائما مع ميل بسيط، كما في شكل "100". ويتكون الترمومتر الذي يقيس أعلى درجة للحرارة أثناء اليوم من:
شكل "100": ترمومتر النهاية الصغرى للحرارة، وترمومتر النهاية العظمى للحرارة
1- مستودع للزئبق.
2- اختناق في أنبوبة الزئبق يسمح بتمدد الزئبق في الأنبوبة في حالة ارتفاع درجة الحرارة، ولا يسمح بعودة الزئبق مرة ثانية إلى المستودع في حالة انخفاض درجة الحرارة.
3- أنبوبة رفيعة.
أما الترمومتر الذي يقيس أدنى درجة للحرارة أثناء اليوم فإنه يختلف عن الترمومتر السابق حيث إنه:
1- يستعمل الكحول الملون بدلا من الزئبق.
2- به مؤشر لا يتأثر بتمدد الكحول عند ارتفاع الحرارة، ولكنه يتراجع إلى الخلف عند انخفاضها مع الكحول، ليشير إلى أدنى درجة وصلت إليها درجة الحرارة. وإذا ارتفعت درجة الحرارة مرة أخرى فإن الكحول يتمدد في الأنبوبة، ولكنه يترك المؤشر في موضعه دون أن يتحرك.
ثانيا: يتم تسجيل درجة الحرارة بواسطة جهاز الترموجراف، وهو يسجل درجات الحرارة لفترة من الزمن تبلغ عادة أسبوعا، ويتكون كما في "شكل 101" من:
شكل "101": جهاز الترموجراف "مسجل الحرارة"
1- قطعة معدنية تتأثر بدرجة الحرارة من حيث تمددها وانكماشها تبعا لارتفاع وانخفاض درجة الحرارة.
2- رافعة تنقل الحركة السابقة إلى ذراع متصل بها.
3- ذراع يتحرك عن طريق الرافعة إلى أعلى أو إلى أسفل تبعا لتمدد وانكماش القطعة المعدنية. وبنهاية الذراع ريشة تملأ بالحبر.
شكل "102": جدول قراءات الرصد الجوي.
4- أسطوانة تدور حول نفسها بواسطة ساعة بداخلها مرة في الأسبوع، ويلف حول هذه الأسطوانة ورقة رسم خاصة ترسم عليها الريشة التي ينتهي بها الذراع خطا بيانيا يبين سير درجة الحرارة خلال الأسبوع.
كيفية قراءة الترمومترات:
1- قراءة الترمومتر العادي:
في الساعة الثامنة من صباح كل يوم يقرأ الرقم المجاور لنهاية عمود الزئبق، ويدون في جدول خاص بذلك كما في الشكل رقم "102". ويجب أن تكون القراءة دقيقة بحيث تعين نهاية عمود الزئبق بالدرجة الصحيحة وأجزاء الدرجة.
أ- ترمومتر النهاية العظمى يعين درجة الحرارة 40 درجة مئوية
ب- ترمومتر النهاية العظمى وقد عادت نهاية عمود الزئبق بسبب تحريكه إلى 18 درجة مئوية
شكل "103": طريقة قراءة ترمومتر النهاية العظمى للحرارة
2- قراءة ترمومتر النهاية العظمى:
تقرأ كل يوم درجة الحرارة التي تعينها نهاية عمود الزئبق في الأنبوبة.
شكل "103أ" وتدون في الجدول الخاص بها. ثم بعد ذلك يعد الترمومتر للاستعمال بتحريكه بشدة كما في شكل "103ب" حتى يتم رجوع الزئبق إلى مستودعه عن طريق القوة.
3- قراءة ترمومتر النهاية الصغرى:
في الوقت الذي يقرأ فيه الترمومتر السابق يجب أن يقرأ ترمومتر النهاية الصغرى. ويشير إلى النهاية الصغرى طرف المؤشر البعيد عن مستودع الكحول "شكل 104أ". وبعد ذلك يعد للقراءة مرة ثانية عن طريق رفع طرف مستودعه إلى أعلى حتى تتساوى نهاية المؤشر مع نهاية الكحول من جديد "شكل 104ب".
أ- ترمومتر النهاية الصغرى وقد وصلت نهاية الكحول ومعها المؤشر إلى 12 درجة مئوية بسبب انخفاض درجة الحرارة
ب- ترمومتر النهاية الصغرى وقد تحرك عمود الكحول من جديد إلى درجة 20 وترك المؤشر عند درجة 10 وهي أقل درجة وصل إليها.
شكل "104": طريقة قراءة ترمومتر النهاية الصغرى للحرارة
إعداد الترموجراف للاستعمال وطريقة قراءته:
تتبع الخطوات الآتية لإعداد الترموجراف:
1- في الساعة الثامنة صباح يوم الاثنين من كل أسبوع ترفع الورقة البيانية التي حول الاسطوانة، ويوضع بدلا منها ورقة جديدة يمسك طرفاها بواسطة ماسك معدني، وتضبط الريشة على يمين الماسك المعدني وعلى بداية الورقة التي يكتب عليها تاريخ بداية الأسبوع.
2- بعد مرور أسبوع تدور الاسطوانة دورة كاملة حول نفسها، فيظهر لك أن سن الريشة على يسار الماسك المعدني، وعلى ذلك يكون سن الريشة قد رسم على الورقة خطا بيانيا أثناء الأسبوع.
3- يلزم لتغيير الورقة رفع الغطاء الخارجي فيظهر الترموجراف كما في الشكل "105".
شكل "105": الترموجراف بعد رفع غطائه الخارجي
شكل "106": الترموجراف وقد أبعد الذراع عن الاسطوانة ورفع غطاء الاسطوانة
4- يبعد الزراع والريشة عن الأسطوانة، وعندئذ يمكن إدارة الأسطوانة باليد دون أن تمسها الريشة. ثم ينزع غطاء الأسطوانة فيبدو من تحته مفتاح الساعة، فتدار حتى تمتلئ كما في الشكل "106".
5- يرفع الماسك المعدني إلى أعلى لتخليصه من حافة الأسطوانة فتنفصل الورقة منه كما في شكل "107" ثم يكتب عليها تاريخ اليوم الأخير من الأسبوع المسجلة أرصاده في الورقة.
شكل "107" أ: الترموجراف وقد انحنى الماسك المعدني إلى الخارج وانفصل طرفا الورقة
شكل "107" ب: ورقة بيانية للترموجراف
6- تركب ورقة جديدة وتثبت على الاسطوانة، ويعاد الماسك المعدني عليها، ثم يركب غطاء الاسطوانة، وبذلك يعود الجهاز إلى وضعه السابق. ويغطى بغطائه الخارجي. ثم يوضع الجهاز في موضعه الخاص في كشك الأرصاد.
بعد الانتهاء من الخطوات السابقة تفرد الورقة البيانية كما هو موضح في الشكل "107ب" وتقرأ التغيرات الحرارية أثناء الدورة التي مرت بها درجة الحرارة أثناء الأسبوع، ويبين الوقت الذي تبلغ فيه درجة الحرارة أقصاها، والوقت الذي تبلغ فيه الحرارة أدناها.
كيفية حساب المتوسطات لدرجة الحرارة:
من قراءة الترمومترات السابقة وقراءة الورقة البيانية لجهاز الترموجراف يمكن معرفة درجة الحرارة في أي مكان في ساعات اليوم المختلفة "الساعة 8 صباحا و 2 بعد الظهر، 8 مساء"، ومن هذه القراءات يستخرج المتوسط اليومي للحرارة، ومنها يمكن معرفة المتوسط الشهري، ومن المتوسطات الشهرية يمكن معرفة المتوسط السنوي للحرارة، وبذلك يمكن الحكم على مناخ الإقليم إذا كان حارا أو معتدلا أو باردا.
ويمكن حساب المتوسط اليومي عن طريق أخذ أعلى درجة الحرارة والتي تحدث عادة في الساعة الثانية بعد الظهر، وأدنى درجة للحرارة وتحدث حوالي الساعة الرابعة صباحا، ثم نجمعهما ونقسم حاصل الجمع على 2.
المتوسط اليومي: درجة الحرارة العظمي + درجة الحرارة الصغرى
2
ويمكن أن نحسب المتوسط الشهري على أساس جمع المتوسطات اليومية خلال الشهر، ثم نقسمها على عدد أيام هذا الشهر. وعن طريق المتوسط الشهري نحسب المتوسط السنوي والذي يكون بجمع المتوسطات الشهرية لدرجة الحرارة وقسمتها على عدد شهور السنة.
ويجب أن نقرن المتوسط الحراري بالفرق بين أعلى وأدنى درجة للحرارة ويسمى هذا الفرق بالمدى الحراري. حيث إنه لمعرفة أقصى وأدنى درجة للحرارة سواء لليوم أو للسنة أهمية عظمى، لأنهما يعطيان فكرة صحيحة عن درجة حرارة المكان، وأثر ذلك في الحياة البشرية والنباتية والحيوانية، وذلك لأن متوسط الحرارة لأي مكان لا يعطي صورة صحيحة، فقد يكون المتوسط 20 م لمكان تتراوح فيه الحرارة بين 14 درجة م في الشتاء، 26 درجة م في الصيف، أو لبلد تتراوح فيه درجة الحرارة بين 7 درجات م في الشتاء، 33 درجة م في الصيف.
خطوط الحرارة المتساوية:
عبارة عن خطوط تصل بين الأماكن التي تتساوى في معدل درجة حرارتها سواء الشهرية أو السنوية، وذلك بعد أن تعدل هذه المعدلات إلى مستوى سطح البحر.
فإذا كان معدل درجة حرارة المكان 12 درجة مئوية وارتفاع هذا المكان عن سطح البحر 3000 متر، فإننا نزيد درجة مئوية واحدة عن كل 150 مترا في الارتفاع، بحيث تكون حرارة هذا المكان على الخريطة هي 32 درجة مئوية. وعلى ذلك فإن حساب خطوط الحرارة المتساوية يكون على أساس واحد لجميع الأماكن وهو مستوى سطح البحر.
ولخطوط الحرارة المتساوية فائدة كبيرة حيث إنها تعطي صورة عامة عن توزيع الحرارة، والتي لا يمكن الحصول عليها بغيرها، كما أن تعرجاتها وانثناءاتها تبين لنا أثر العوامل الكثيرة مثل توزيع اليابس والماء، وأثر التيارات البحرية والرياح، وأثر الغطاء النباتي وغير ذلك من العوامل "انظر شكل 108 أ، ب".
وبالنظر إلى خرائط خطوط الحرارة المتساوية نجد أن تلك الخطوط تتجه بصفة عامة من الشرق إلى الغرب تبعا لاتجاه خطوط العرض. وهذا أمر طبيعي لأن خطوط العرض تؤثر في توزيع الحرارة. ويصيب كل الأماكن التي تقع على خط عرض واحد نفس القدر من أشعة الشمس، هذا باستثناء بعض العوامل المحلية التي قد يكون لها تأثير في تغيير هذه الأحوال العامة.
وإذا ما أجرينا مقارنة بين نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، لوجدنا أن خطوط الحرارة المتساوية السنوية تكون أقل تعرجا وأكثر استقامة في نصف الكرة الجنوبي عنها في النصف الشمالي. وذلك لارتفاع نسبة اليابس في النصف الشمالي. وسيادة الماء في النصف الجنوبي.
وحينما ننظر إلى خريطة خطوط الحرارة المتساوية في شهر يوليو نلاحظ الآتي "شكل 108أ".
"شكل 108أ""شكل 108 ب"
1- أشد جهات العالم حرارة في النصف الشمالي، حيث تقع الصحاري المدارية ممثلة في الصحراء الكبرى الأفريقية وصحاري غربي آسيا ووسطها، وفيها يبلغ المتوسط الحراري أكثر من 30 درجة مئوية.
2- لا أثر للتجمد "الانخفاض الحراري لما دون الصفر" في النصف الشمالي باستثناء شمال جرينلندا، لذلك تكون جميع موانيه مفتوحة للملاحة البحرية.
3- تنحني خطوط الحرارة المتساوية نحو القطب على يابس النصف الشمالي لشدة حرارته، ونحو خط الاستواء على محيطاته لانخفاض حرارة المياه نسبيا.
4- يسير خط صفر درجة مئوية في نصف الكرة الجنوبي كأنه خط مستقيم لأنه يقع جميعه على الماء.
5- لا أثر للتجمد في قارات النصف الجنوبي لأنها لا تمتد كثيرا نحو القطب الجنوبي.
وبالمثل يمكننا أن نتبين عدة ملاحظات على خريطة خطوط الحرارة المتساوية في شهر يناير "شكل 108ب":
1- تقع أشد جهات العالم برودة في يابس النصف الشمالي في أقصى شمال أمريكا الشمالية وشمال شرق سيبيريا، حيث تهبط درجة الحرارة إلى -40 درجة مئوية، وهو ذلك الجزء من اليابس الذي يسمى "قطب البرودة"، ولا نظير له في شتاء النصف الجنوبي "باستثناء القارة القطبية الجنوبية".
2- تنحني خطوط الحرارة المتساوية في نصف الكرة الشمالي فجأة وبشدة نحو خط الاستواء فوق يابس القارات البارد، كما تنثني فجأة وبشدة أيضا فوق المحيطات الأكثر دفئا "لاحظ تأثير كل من تيار الخليج الدافئ في المحيط الأطلسي، وتيار اليابان الدافئ في المحيط الهادي"، بينما في يوليو نجد العكس صحيحا.
3- أشد جهات العالم حرارة في يناير تقع في النصف الجنوبي على اليابس حول مدار الجدي حيث توجد صحراء استراليا وكلهاري واتكاما التي يبلغ متوسط حرارتها 30 درجة مئوية.
4- ينحني خط الحرارة 20 درجة مئوية نحو خط الاستواء قرب سواحل غرب أفريقيا وسواحل غرب أمريكا الجنوبية لوجود التيارات البحرية الباردة "تيار بنجويلا البارد وتيار بيرو البارد".