الفصلُ الثالثُ في أحوال مختصّةٍ بالإجابة
الفصلُ الثالثُ
في أحوال مختصّةٍ بالإجابة
إن إجابةَ الدُّعاءِ علمٌ قدِ اختصَّ اللهُ تعالى بهِ، لا شأنَ للعبدِ فيه، لكنَّ النُّصوصَ قد دلَّت على أحوالٍ وساعاتٍ ومواطنَ تكونُ الإجابةُ فيها أرجى، فيُستحَبُّ للعبدِ أن يتحرّاها ويُكثِرَ من الدُّعاءِ عندَها، ومن ذلك:
1 - حالُ السُّجود:
قال تعالى: {كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العَلق: 19].
(1/37)
____
وقالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِن رَّبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» (28).
2 - حالُ الصِّيام:
قالَ تعالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }. [البَقَرَة: 185 - 186]
فقد ذكرَ سبحانَه إجابَةَ الدُّعاءِ عَقِبَ ذِكْرهِ فريضةَ الصِّيام.
(28) أخرجه مسلم؛ كتاب الصلاة، باب: ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(1/38)
____
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ: الصَّائِمُ حِيْنَ يُفْطِرُ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُوم. . .» (29) الحديث.
3 - دعاءُ يومِ عَرَفَةَ:
قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَاْ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (30).
وهذا اليومُ العظيمُ، يومٌ يُكثِرُ اللهُ فيهِ مِن عِتْقِهِ لِعبادِهِ منَ النارِ (31)، فهو من
(29) جزء من حديث أخرجه الترمذي؛ كتاب الدعوات، باب: في العفو والعافية، برقم (3598)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(30) أخرجه الترمذيُّ؛ كتاب الدعوات، باب: في دعاء يوم عرفة، برقم (3585) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. قال النوويّ في الأذكار، باب الأذكار في العشر الأُوَل من ذي الحجة: ضعّف الترمذي إسناده. اهـ. ونصُّ قولِ الترمذيِّ: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وحمّاد بن أبي حميد - الرواي عن عمرو بن شعيب - هو محّمد بن أبي حميد، وهو إبراهيم الأنصاري المدني، وليس هو بالقويّ عند أهل الحديث. اهـ. ثم إن النووي رحمه الله قد ذكر بعده ما يشهد له، وهو ما أخرجه مالك في الموطّأ مرسلاً (1 - 422) بلفظ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ». والحديث حسّنه الألباني. انظر: صحيح الجامع برقم (3274).
(31) كما ثبت في الحديث الذي أخرجه مسلم؛ كتاب: الحج، باب: في فضل الحجّ والعمرة ويوم عرفة، برقم (1348)، عن عائشة رضي الله عنها. ونصه «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ؟».
(1/39)
____
أعظمِ المواطنِ المرجوِّ فيها استجابةُ الدعاءِ، [ويُستحَبُّ أَنْ يُكثِرَ المسلمُ الحاجُّ مِنَ الذِّكرِ والدُّعاءِ في هذا اليومِ ولْيحذرْ كلَّ الحَذَرِ منِ التقصيرِ في ذلك كلِّهِ، فإنَّ هذا اليومَ لا يمكنُ تداركُه، بخلافِ غيرِهِ] (32).
ومعلومٌ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد قَصَر الخُطْبَةَ فِي عَرَفَاتٍ (33) وَجَمَعَ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ صَلاَتَيِ الظُّهْرِ وَالْعَصْر (34) ولعلَّ الحكمةَ فِي ذلك كلِّهِ الحرصُ على التفرُّغِ للدُّعاءِ فِي ذلكَ اليومِ، واللهُ أعلم.
(32) مستفاد من كلام الإمام النووي رحمه الله في الأذكار، فصل: في الأذكار والدعوات المستحبّات بعرفات.
(33) أخرجه البخاري؛ كتاب: الحجّ، باب: التهجير بالرّواح يوم عرفة، برقم (1660)، من قول سالم بن عبد الله بن عمر للحجّاج: «إن كنت تريد السُّنة فاقصرِ الخُطبة وعجِّل الوقوف»، فقال ابن عمر: صدق. وأخرجه عنه أيضاً برقم (1663).
(34) أخرجه البخاري؛ كتاب: الحجّ، باب: الجمع بين الصلاتين بعرفة برقم (1662)، من قول ابن عمر رضي الله عنهما: «إنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر في السُّنة».
(1/40)
____
4 - الدعاء باسم الله الأعظم:
وذلك من أعظم مَظِنَّة إجابةِ الدعاء، فقد سمع النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو، وهو يقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ، لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، الأَْحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فقال عليه الصلاة والسلام: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ: لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَْعْظَمِ؛ الَّذي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» (35).
(35) أخرجه أبوداود؛ وأخرجه الترمذيُّ -وحسّنه-؛ كتاب: الدعوات، باب: ما جاء في جامع الدعوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3475)، عن بُرَيْدَةَ الأسلميِّ رضي الله عنه. وابن ماجَهْ؛ كتاب: الدعاء، باب: اسم الله الأعظم، برقم (3857)، عنه أيضًا. صحّحه الألباني، انظر: صحيح ابن ماجَهْ، برقم (311). ... هذا، وقد اخترت هذا الحديث الدال على الاسم الأعظم - مع كثرة الاختلاف في تعيين هذا الاسم الكريم - لكون هذا الحديث لم يرد في هذا الباب ما هو أجود إسنادًا منه، كما أفاده المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 485)، كما أن الشوكانيَّ رحمه الله قد عَنْون في «التحفة» (ص 71) ما يفيد ذلك بقوله: (أرجح ما ورد في تعيين الاسم الأعظم). اهـ.
(1/41)
____
5 - دعاءُ المُضْطَرِّ:
قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَْرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} [النَّمل: 62].
6 - دعاءُ المظلوم:
قال صلى الله عليه وسلم لمعاذٍ حينَ بعَثَه إلى اليمنِ: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ ... » (36) الحديث.
7 - الدُّعاءُ في ليلةِ القَدْر:
قالَ تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].
(36) جزء من حديث أخرجه البخاريّ؛ كتاب الزكاة، باب: أخذ الصدقة من الأغنياء، برقم (1496) عن ابن عباس رضي الله عنهما. ومسلم؛ كتاب الإيمان، باب: الدُّعاء إلى الشهادتين ... ، برقم (19) عنه أيضاً. واللفظ لمسلم.
(1/42)
____
وقالَ صلى الله عليه وسلم لعائشةَ رضي الله عنها لمَّا سألَتْه عمَّا تقولُ في ليلةِ القَدْرِ، إِنْ أدركَتْها: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنيِّ». (37)
8 - الدُّعاءُ في السَّفَر:
قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَاباَتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ» (38).
9 - الدُّعاءُ بين الأذانِ والإقامة:
قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ» (39).
(37) أخرجه الترمذي، كتاب الدعوات، باب: في فضل سؤال العافية والمعافاة، برقم (3513) عن عائشة رضي الله عنها. وقال: حسن صحيح. وأخرجه أحمد في مسنده (6/ 171)، من حديثها أيضًا.
(38) أخرجه الترمذي؛ كتاب الدعوات، باب: ما ذُكِر في دعوة المسافر، برقم (3448) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وأحمد، في مسنده (2/ 258) من حديثه أيضًا.
(39) أخرجه أبو داود؛ كتاب الصلاة، باب: في الدُّعاء بين الأذان والإقامة، برقم (521)، عن أنس رضي الله عنه. والترمذي؛ كتاب الصلاة، باب: ما جاء في أن الدُّعاء لا يردّ بين الأذان والإقامة، برقم (212) عنه أيضاً. وقال: حسن صحيح.
(1/43)
____
10 - ساعةُ الإجابةِ من يومِ الجُمُعة:
قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فِيْهِ - أي: يوم الجُمُعةِ - سَاَعةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسِْأَلُ اللهَ تَعَالَى شَيْئاً إلاَّ أَعْطَاُه إِيَّاهُ» (40).
قال النوويُّ رحمه الله (41): وأصحُّ ما جاء فيها ما رُوِّيناه في صحيحِ مسلمٍ عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه، أنه قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإمَامُ إِلَى أَنْ يَقْضِيَ الصَّلاةَ». (42) يعني: يجلسُ على المِنْبَرِ. اهـ.
_____
(40) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاريّ؛ كتاب الجمعة، باب: الساعة التي في يوم الجمعة، برقم (935). ومسلم؛ كتاب الجمعة؛ باب: في الساعة التي في يوم الجمعة، برقم (852).
(41) انظر: الأذكار في صلوات مخصوصة، باب الأذكار المستحبة يوم الجمعة وليلتها والدعاء.
(42) أخرجه مسلم؛ كتاب الجمعة، باب: في الساعة التي في يوم الجمعة، برقم (853) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وفي نصِّ رواية مسلم: [تُقضَى] بالبناء للمفعول بدل: [يقضيَ].
(1/44)
____
(مسألة): ساعةُ الإجابةِ، أيُّ ساعةٍ هيَ في يومِ الجُمُعة؟
اِعلمْ - رحمني اللهُ وإياكَ - أنَّ الإمامَ ابنَ القَيِّمِ رحمه الله قد رجَّحَ كَوْنَ ساعةِ الإجابَةِ من يومِ الجُمُعةِ، هي آخرُ ساعةٍ بعدَ العصرِ، بعدَ ذِكْرِهِ لأحدَ عشَرَ قولاً في تعيينِها، ثم خَلُصَ مِنْ ذلك كلِّه إلى أنَّ الأرجحَ في ذلك قولانِ تضمَّنَتْهما الأحاديثُ الثابتة.
الأولُ: أنها مِن جُلوسِ الإِمامِ إلى
(1/45)
____
انقضاءِ الصَّلاةِ، وحُجَّتُه مرويُّ مسلمٍ - وقد سبق-، والثاني: أنها آخرُ ساعةٍ بعدَ العصرِ. وقالَ: وهذا أرجحُ القولَيْنِ، وهو قولُ أكثرِ السَّلَفِ، وعليهِ أكثرُ الأحاديثِ. اهـ. ثم ساقَ رحمه الله أدلةً لذلك؛ منها:
- ما رواهُ أحمدُ في مسنَدِهِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ فِيها خَيْراً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ». (43)
_____
(43) أخرجه أحمد؛ في مسنده (2/ 284)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومن حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه، (5/ 284)، بزيادة: [مَا لَمْ يَسْأَلْ مَأْثَمًا، أَوْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ]. ومن حديث أبي لبابة البدري رضي الله عنه، (3/ 430)، بزيادة: [مَا لَمْ يَسْأَلْ حَرَاماً]. فائدة: قال الإمام أحمد رحمه الله: أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر، وترجى بعد زوال الشمس. اهـ. نقله الترمذي عن الإمام أحمد في كتاب الجمعة من جامعه، باب ماجاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة، بعد ذكر حديث أنس رضي الله عنه، برقم (489).
(1/46)
____ - وما رواهُ أبو داودَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «يَوْمُ الْجُمُعَة ثِنْتَا عَشْرَةَ - يريدُ ساعةً - لا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئاً إِلاَّ آتَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَالْتَمِسُوها آخِرَ ساعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ» (44).
ثم ختَمَ رحمه الله بقولِهِ: وعِندي أنَّ ساعةَ الصَّلاةِ يرجى فيها الإجابةُ أيضاً، فكلاهما ساعةُ إجابةٍ، وإنْ كانتِ الساعةُ المخصوصةُ هي آخرُ
(44) أخرجه أبو داود؛ كتاب: الصلاة، باب الإجابة أية ساعة هي في يوم الجمعة، برقم (1048) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والتِّرمذي، كتاب: الصلاة، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة، برقم (491)، عن أبي هريرة رضي الله عنه. والنّسائي، كتاب الصلاة، باب: ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، برقم (1431)، عنه أيضاً. واللفظ المختار لأبي داود رحمه الله.
(1/47)
____
ساعةٍ بعدَ العصرِ، وعلى هذا تتفقُ الأحاديثُ كلُّها، ويكونُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قد حَضَّ أمَّتَه على الدُّعاءِ والابتهالِ إلى اللهِ تعالى في هاتَيْنِ الساعتَيْنِ. اهـ (45).
11 - الدعاءُ في وقتِ السَّحَرِ [ثُلُثِ الليلِ الآخِر]:
قالَ صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» (46).
أخي - القارئَ الحبيبَ -: هذه
(45) انظر: زاد المعاد، لابن القيم، (1/ 131)، فصل: في استجابة الدعاء في ساعة من يوم الجمعة.
(46) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاريّ؛ كتاب التهجد، باب: الدُّعاء والصلاة آخر الليل، برقم (1145). ومسلم؛ كتاب صلاة المسافرين وقَصْرِها، باب: الترغيب في الدُّعاء والذّكر في آخر الليل والإجابة فيه، برقم (758).
(1/48)
____
أحوالٌ وساعاتٌ ومواطِنُ دلَّت النصوص على فضل الدعاء فيها، يحرص المؤمنُ على اغتنامِها، ذلك بأنَّ الدُّعاءَ فيها أرجى إجابةً، وأقربَ نَفْعاً، فاستعِنْ باللهِ ولا تعجِزْ، واحرِصْ على ما ينفَعُك، فإن المؤمنَ كيِّسٌ فَطِنٌ.
***
(1/49)