الفصل الخامس: التكاثف
الفصل الخامس: التكاثف
مدخل
...
الفَصلُ الخَامِس: التكَاثف
إذا كان الهواء لا يستطيع أن يحتوي أكثر مما به من بخار الماء يقال إن الهواء مشبع بالرطوبة، فإذا ازدادت كمية البخار أو انخفضت درجة الحرارة فإن جزءا من بخار الماء يبدأ في التكاثف. والتكاثف عبارة عن تحول بخار الماء من حالة غير مرئية إلى حالة يمكن رؤيتها، من ذلك تحوله إلى ذرات صغيرة تبقى عالقة في الجو نشاهدها في هيئة سحب، أو إلى قطرات صغيرة من الماء كما هو الحال في المطر، أو إلى بللورات متجمدة كما هو الحال في الثلج.
وينتج التكاثف عن طريق عوامل كثيرة منها:
1- فقدان الهواء لحرارته بالإشعاع نتيجة لانتشار الهواء وتمدده.
2- فقدان الحرارة من سطح الأرض بالإشعاع أيضا.
3- هبوب الرياح من جهات دفيئة إلى أخرى باردة.
4- ارتفاع التيارات الهوائية إلى أعلى.
5- مرور هواء ساخن محمل ببخار الماء فوق سطح جليدي أو فوق سطح تيار مائي بارد.
وللتكاثف مظهران هامان:
أ- تكاثف على سطح الأرض ويتمثل في:
الضباب - الندى - الصقيع.
ب- تكاثف في طبقات الجو العليا ويتمثل في:
السحب - المطر - الثلج - البرد.
وفيما يلي وصف مختصر لكل مظهر، لكننا سنفرد للمطر فصلا خاصا نظرا لأهميته.
تكاثف على سطح الأرض
الضباب
...
الضباب:
يمثل حالة تكاثف بخار الماء على سطح الأرض وبكميات تحجب الرؤية وتجعلها صعبة.
وأهم أسباب تكوينه: انتقال هواء دفيء رطب إلى جهات باردة، فيحدث التكاثف، وقد يتجمع الضباب فيكون كثيفا وخاصة على الجهات الساحلية، فتنتج عنه أخطار جسيمة في الملاحة، كما أنه يسبب قلة الرؤية خلاله. فتقصر إلى بضعة أمتار قليلة، فيعرقل المواصلات وخاصة في المدن الكبرى وإذا كان الضباب خفيفا في الصباح الباكر فإنه يعرف باسم الشابورة، التي لا تلبث أن تتشتت عندما تشرق الشمس وتشتد الحرارة.
الندى:
عبارة عن قطرات مائية، أو طبقة رقيقة من الماء تتجمع على السطوح المعرضة للجو مباشرة، مثل أوراق النباتات وغيرها من الأجسام الصلبة. فهي تبرد أثناء الليل حين يتكاثف بخار الماء عليها نتيجة لانخفاض درجة الحرارة إلى ما دون نقطة الندى. وتعرف نقطة الندى بأنها درجة الحرارة التي عندها يتحول بخار الماء من الحالة الغازية إلى الحالة السائلة، ويكثر الندى بصفة خاصة أثناء الليالي الصافية والساكنة الهواء.
الصقيع:
إذا كانت درجة حرارة الأجسام الصلبة أو أسطح أوراق النباتات المعرضة للجو أقل من نقطة التجمد فإن بخار الماء يتكثف عليها على شكل بلورات من الثلج المتجمد يطلق عليه اسم "صقيع". أي بخار الماء تحول من الحالة الغازية إلى الحالة الصلبة سريعا دون أن يمر بحالة السيولة. وللصقيع آثار ضارة بالنباتات وخاصة أشجار الفاكهة، وذلك لأنه يضعف من نموها ولذلك تدعو الضرورة أحيانا إلى إشعال النيران بين الأشجار، فيتصاعد منها الدخان الذي يكسو أرض الحديقة بغطاء يمنع الإشعاع الحراري منها.
تكاثف في طبقات الجو العليا
السحب
...
السحب:
تمثل مظهرا من مظاهر تكاثف بخار الماء في طبقات الجو العليا. وهي في الحقيقة ضباب كثيف، لكنه بعيد عن سطح الأرض، وتتكون السحب نتيجة لصعود هواء رطب إلى طبقات الجو العليا حيث تنخفض الحرارة. والسحب لها تأثير كبير في المناخ لأنها مصدر الثلوج والأمطار، كما أنها تكون بمثابة الغطاء الذي يعرقل الإشعاع الشمسي من النفاذ إلى الأرض نهارا، والإشعاع الأرضي إلى الجو أثناء الليل.
وهناك أنواع من السحب حسب ارتفاعها عن سطح البحر منها المرتفع والمتوسط الارتفاع والمنخفض، ويتغير ارتفاع السحب بتغير فصول السنة فيزداد صيفا ويقل شتاء، كما يتأثر أيضا بالبعد أو القرب عن خط الاستواء.
السحب المرتفعة:
ويتراوح ارتفاعها بين 6000-12000 متر وتنقسم إلى:
السمحاق Cirrus:
وهي سحب بيضاء اللون رقيقة، تتشكل من بللورات ثلجية، وتشبه في هيئتها الريش الأبيض اللون أو القطن المندوف، وظهورها يدل على قرب حدوث جو رديء.
السمحاق الركامي Cirro Cummulus:
وتظهر على شكل بقع بيضاء، وتنتظم في مجموعات متراصة.
السمحاق الطبقي Ciriostratus:
وتبدو بهيئة ستار يغطي السماء، ويبدو بلون اللبن، وظهورها ينذر بقرب سقوط المطر.
السحب المتوسطة:
ويتراوح ارتفاعها بين 2000-6000 متر، وتنقسم إلى:
الركام المتوسط الارتفاع Altocumulus:
تبدو بشكل كتل كروية، وتشكل طبقات مرتبة في هيئة أمواج متتابعة وأسفلها ذو لون داكن، ويشير ظهورها إلى قرب تغير سيئ في أحوال الجو.
الطبقي المتوسط الارتفاع Altostratus:
وهي سحب ذات لون رمادي أو ضارب إلى الزرقة. وقد تشكل ستارا يغطي السماء، ويحجب ضوء الشمس. ووجودها يشير إلى قرب سقوط المطر.
السحب المنخفضة:
وترتفع إلى علو 2000 متر، وتنقسم إلى:
الركام الطبقي Stratocumulus:
وتبدو بهيئة طبقة أو كتل أسطوانية الشكل رمادية اللون، ويصحبها أحيانا سقوط المطر.
الطبقي Stratus:
سحب منخفضة رمادية اللون، تحجب السماء بأكملها وكأنها ضباب مرتفع، قد يصحبها سقوط مطر خفيف.
المزن الطبقي Nimbostratus:
سحب رمادية، غالبا ما تكون قاتمة، وهي تحجب السماء بأكملها. ويصحبها سقوط أمطار غزيرة.
الركامي Cumulus:
وهي سحب تشبه في مظهرها القنبيط، فهي ناصعة البياض، وتنشأ نتيجة لنشاط التيارات الهوائية الصاعدة. ويصحبها سقوط مطر.
المزن الركامي Cumulonimbus:
سحب ترتفع رأسيا حتى تصل إلى علو يسمح بالتكاثف، ويصحبها سقوط أمطار غزيرة، وحدوث رعد وبرق.
كيفية قياس كمية السحب:
تقاس كمية السحب بأن تقسم القبة السماوية إلى ثمانية أقسام. وتحسب نسبة الأقسام المحجبة منها بالسحب، كأن تكون مثلا1/8 أو 3/8. وهناك آلات خاصة لتسجيل مدة سطوع الشمس أثناء اليوم، وكذلك مدة احتجابها وراء السحب.
الثلج:
وهو عبارة عن بلورات رقيقة تشبه زغب الريش الأبيض، ويتكون نتيجة انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون درجة الصفر في طبقات الهواء العليا. فتتساقط على سطح الأرض. ومن الصعب قياس الكمية الساقطة نظرا لأن الرياح تنقل البلورات الثلجية من مكان لآخر. وكثيرا ما يسبب تساقط الثلج وذوبانه على أعالي الهضاب وعلى قمم الجبال المرتفعة فيضان الأنهار. كما أنه نتيجة لتراكمه على شكل حقول واسعة يتصلب ويتحول إلى ما يعرف بالجليد، ويتساقط الثلج في كل العروض إلا أنه يقل للغاية عند خط الاستواء، ويقتصر سقوطه هناك على القمم العظيمة الارتفاع.
البرد:
يحدث نتيجة لتكاثف بخار الماء في السحب على شكل قطرات صغيرة من الماء لا تلبث أن تتجمد على شكل كرات من الثلج بسبب شدة البرودة، فتبدأ في السقوط لثقلها، إلا أنها ترتفع مرة ثانية بواسطة التيارات الصاعدة إلى داخل السحب، فيتكثف حولها من جديد طبقة أخرى من الماء المتجمد، وهكذا تعاد العملية عدة مرات إلى أن يكبر حجمها ويصل قطرها إلى نحو سنتيمتر ونصف، وتسقط على الأرض بفعل ثقلها.
ويسقط البرد في كل مكان مثل الثلج، إلا أنه نادر الحدوث عند المناطق الاستوائية.