نشأة المدن وتطورها
نشأة المدن وتطورها
مدخل
...
نشأة المدن وتطورها:
نشأت المدن كظاهرة عمرانية قديمة في الشرق الأوسط وبالتحديد في مصر والعراق وباكستان الحالية، وكان ظهورها مرتبطا بتقدم كبير في المعرفة الإنسانية والأساليب الفنية المستخدمة وخاصة استخدام المعادن واختراع الشراع واستخدام العجلة Wheel في النقل ثم صنع الفخار محليا واختراع المحراث واستخدام الحيوان في الجر، وقد ترتب على ذلك زيادة كبيرة في الإنتاج والنقل وواكبه ظهور المدن كمظهر عمراني متقدم في التاريخ البشري.
وقد بدأت أولى مراحل الثورة الحضرية لدى المجتمعات الزراعية في مناطق السهول الفيضية في وادي النيل الأدنى وكذلك في القطاع الأدنى من الدجلة والفرات وفي سهول نهر السند وفي هذه المناطق استقرت الحياة البشرية وقامت على دورات منتظمة لفيضانات الأنهار، واستخدام المحراث مما مكنها من إنتاج الغذاء بوفرة، وقد ساعد فائض الأغذية لأول مرة على توفير الغذاء لأعداد كبيرة من السكان ليسوا مشتركين في إنتاج الغذاء ذاته، وتجمع هؤلاء السكان في المراكز العسكرية والثقافية والإدارية القديمة على هيئة مدن صغيرة Towns مثل هارابا Harappa وموهنجودارو Mohinjo-Dare في وادي السند، وأفرود يتوبوليس Aphroditopolis وطيبة وبوتو Thebes And Butu في مصر ومدن سوسه وأور Ur وكيش Kish قرب بابل في العراق.
وكذلك الحال في المدن التي ظهرت بعد ذلك مثل أنيانج Anyang في حوض الهوانجهو بالصين معتمدة على أساس زراعي ساهم في إيجاد وفرة في الغذاء نتجت عن الزراعة بالري في أراضي الهوانجهو الخصبة، وقد أظهرت الأدلة الأركيولوجية في العالم الجديد أن المدن المبكرة نشأت به على هذا الأساس الزراعي.
وإذا صحت آراء العالم "ساور" عن موطن الزراعة وانتشارها فإن هذه المجتمعات الزراعية الحضرية Agricultural Urban Societies تكون قد ظهرت منذ فترة تتراوح بين 4000 - 5000 سنة في كل من الشرق الأوسط والصين.
وقد أظهرت الدلائل في مواضع المدن القديمة في الشرق الأوسط أنها كانت ذات حجم سكاني معقول، فقد تراوح سكان المدن السومرية فيما بين 7000 إلى 20000 نسمة كما أن سكان هارابا وموهنجو دارو كانوا أكثر قليلا من ذلك. كذلك فإن مدينة طيبة -أكبر عواصم مصر في عصر الأسرات- كانت تشغل مساحة كبيرة نواتها الأصلية الأقصر والكرنك الحالية، ويعد الرقم 80000 نسمة الذي ذكره أحد الكتاب البابليون يفوق أي رقم معروف عن أية مدينة قديمة أخرى.
المدن التجارية القديمة:
ظهرت بعد ذلك مدن ذات وظائف خاصة أبرزها المدن التجارية التي تحصل على ثرواتها من الخدمات التي تقدمها لسكان المناطق المجاورة، وقد اعتمدت هذه المدن على مواقعها الجغرافية واستغلالها لذلك في تقوية علاقاتها التجارية بالأقاليم الأخرى.
وقد ظهرت هذه المدن التجارية القديمة منذ ما يقرب من 2000 سنة قبل الميلاد قبل عصر البرونز، وأبرز أمثلتها فيلاكوبي Phylakopi على جزيرة ميلوس Milos -إحدى جزر بحر إيجه- التي أصبحت مركز لتجارة الزجاج، وعلى ساحل الشام حيث نمت واذهرت بيبلوس "جبيل" التي اشتهرت بتجارة الأخشاب المتوفرة في ظهيرها وتصديره إلى مصر وبلدان شرق البحر المتوسط الأخرى، وكذلك اشتهرت مدن كريت في النصف الأول من الألف الثانية قبل الميلاد وقامت شهرتها على التجارة البحرية خاصة مع مصر، وتبعتها في ذلك وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد عدة مدن يونانية وعلى ساحل الشام فإن المدن الفينيقية مثل صور وصيدا نمت كمراكز تجارية هامة في العالم الفينيقي.
وقد كانت مدن البحر المتوسط التجارية هذه صغيرة الحجم، وربما كان من بين سكانها نسبة ليست صغيرة من الزراع، ولكن الحرفة الرئيسية لمعظم سكانها كانت التجارة وقد شهدت هذه المدن تطور الفنون والمهارات البشرية التي انتقلت عبر المتوسط إلى الأقاليم المجاورة.
وإلى جانب هذه المدن الساحلية التي اشتغلت بالتجارة قامت مدن داخلية تعرف بمدن القوافل، وهذه كانت قليلة العدد تقع على أطراف الصحراء وتقوم كحلقة صلة بين مدن الساحل الفنيقي وبلدان الشرق الأوسط. ومن مدن القوافل هذه مدينة حلب Aleppo ودمشق Damascus وتدمر Palmyra واستمدت هذه المدن ثروتها من التجارة مثلها في ذلك مثل المدن الساحلية، ولكنها تختلف عنها في المواقع بطبيعة الحال، فكانت تقع وسط بقع زراعية غنية تمدها بحاجتها من الغذاء والمواد الأولية "دمشق في سهل الغوطة الخصب وتدمر في واحة غنية".
المدن اليونانية:
بدأت المدن في التزايد العددي منذ بداية الألف الأولى الميلادية، وفي خلال القرن الثامن والسابع قبل الميلاد كانت دولة المدينة اليونانية ظاهرة هامة في المظهر الحضري السياسي بها، وبدأت في التوسع العمراني بل وفي غزو أراضٍ أخرى، ونتج ذلك عن ظروف البيئة الجغرافية لتلك المدن والتي تميزت بقلة الأراضي الزراعية حولها مما دفعها إلى الخروج عن بيئاتها المحلية واستعمار مناطق أخرى.
وعلى سبيل المثال، فقد أنشئت سيراكيوزوكوما Cuma وغيرها من المستعمرات في إيطاليا وصقلية -في الفترة اليونانية المبكرة بين سنتي 750 - 700 قبل الميلاد، ومن ثم استطاعت دول المدينة اليونانية أن تمد نفوذها على امتداد البحر المتوسط، وفي سنة 500 قبل الميلاد كانت الحياة الحضرية La vie Urbane ظاهرة سائدة في ساحل المحيط الأطلسي من إسبانيا غربا حتى سهول الجانج في الهند شرقا.
وفي خلال مرحلة الانتشار الحضاري كانت هناك مظاهر حضارية هامة ممثلة في الأساليب والفنون الجديدة لسكان المدن مثل الأدوات والأسلحة الحديدية، كذلك استخدام الكتابة بالحروف الأبجدية وتصميم السفن الشراعية بل وبدء استخدام العملات النقدية في التجارة، وكانت هذه الملامح الحضرية عناصر هامة في الانتشار الحضري. وبدا التخصص في الإنتاج سمة مميزة للمدن معتمدة على تبادل إنتاجها من الصناعات والأدوات مع المدن الأخرى بغية الحصول على الحبوب، وأبرز مثال على ذلك هو اعتماد المدن اليونانية على تجارة القمح الوارد إليها من سواحل مقدونيا والبحر الأسود.
وكان انعكاس ذلك على النمو الحضري ممثلا في تضخم المدن بالسكان، وأوضح الأمثلة أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد فبالرغم من أن تقدير السكان للمدن القديمة يعد أمرا محفوفا بالصعاب إلا أن سكان أثينا قدروا برقم يتراوح بين 100.000 إلى 150.000 نسمة، كانت بذلك من المدن الكبرى آنذاك تتضاءل إلى جانبها كثير من المدن الأخرى صغيرة الحجم.
وقد ساعد التقدم في المواصلات والأسلحة على قيام وتوسيع الإمبراطورية الهللينية "اليونانية" والتي ساعدت بدورها على الانتشار الحضري سواء بالتزايد في أحجام المدن القائمة أو بإنشاء مدن جديدة، فحوالي سنة 300 ق. م أنشأ الإسكندر المقدوني كثيرا من الطرق الجديدة في إمبراطوريته، ووحد العملة السائدة ونشطت التجارة نشاطا كبيرا انعكس بدوره على التطور الحضري وقد تطلبت مسئوليات الحكم والإدارة نمو مدن هامة قامت بهذا الدور مثل الإسكندرية في مصر التي تبوأت مركزا كبيرا في الفترة الإغريقية والرومانية من بعدها.
وبالرغم من تفكك الإمبراطورية الهللينية بعد وفاة الإسكندر الأكبر سنة 321 ق. م إلا أن الدفعة القوية للعمران الحضري أثناءها استمرت كذلك في عهد الإمبراطورية الرومانية حتى إن الإسكندرية بلغت مساحة رقعتها 200 فدانا "800 دونم" في سنة 100 ق. م. كذلك فقد استمر التخصص الإقليمي في الإنتاج الزراعي وأدى بدوره إلى نمو التجارة والمدن في تلك الأقاليم التي كان النقل المائي متوفرا بها، ولقد كانت كل المدن اليونانية في القرن الثالث ق. م. تستورد القمح وتصدر الزيت والنبيذ إلى أراضي ما بين النهرين وشمال سوريا وشمال البحر الأسود والدانوب الأدنى، كذلك وصل نفوذها غربا حتى قرطاجة وإيطاليا وصقلية.
المدن الرومانية:
بدأت الحياة الحضرية في الانتشار بصورة أوسع في عهد الإمبراطورية الرومانية التي توسعت بعد أن هزم الرومان اليونانيين في إيطاليا وصقلية والاستيلاء على مناطق كانت خاضعة لليونان بالإضافة إلى مناطق أخرى في شمال غرب أوروبا، وقد ظهرت المدن في شمال جبال الألب لأول مرة، وأنشئت مدن في وادي الراين وفي إنجلترا كذلك، وكانت الوظائف الدفاعية والإدارية لهذه المدن تفوق الوظيفة التجارية، ووجدت بعض منتجات هذه المدن طريقها عبر الإمبراطورية الرومانية وساعد على ذلك الطرق الرومانية الشهيرة في أوروبا وامتدادها في آسيا وأفريقيا.
وقد أدت مظاهر التقدم الحضاري هذه إلى نمو كبير لبعض المدن سواء كانت مواني أو مراكز إدارية وتجارية، وتعطي التقديرات المعقولة رقما لسكان روما في القرن الثاني الميلادي يصل إلى 200.000 نسمة ولبيزنطة في أواخر الإمبراطورية الرومانية إلى 192.000 نسمة. وكان معظم المدن شبيه الحجم للمدن التي أنشأها اليونانيون، وقد وصلت رقعة المدن الكبرى مثل لندن الرومانية إلى مساحة بلغت 300 فدان وبسكان قدروا بحوالي 30.000 نسمة.
ويرجع الفضل للرومان في إنشاء كثير من المدن الداخلية في أنحاء الإمبراطورية وكانت هذه المدن معسكرات للمحاربين القدماء الذين نزحوا من إيطاليا لتخفيف ضغط السكان على موارد الرزق، وكان بعضها الآخر محلات للتجار والصناع وغيرهم قامت بجانب الحصون والقلاع على حدود الإمبراطورية مثل يورك York في بريطانيا وكولون في ألمانيا وبلغراد في يوغسلافيا.
وإلى جانب هذه المدن الجديدة كانت هناك مدن سبقت قيام الإمبراطورية الرومانية وازدادت أهميتها بسبب التخصص التجاري، مثل مدن البحر الأحمر المصرية والتي كان أهمها أرسينوي "مكان السويس الحالية" وبرنيس في موضعها الحالي -وكانت تستقبل التجارة من الشرق الأقصى، كذلك زادت أهمية مدن القوافل على حافة الصحراء السورية مثل تدمر في سوريا والبطراء في الأردن بسبب وقوعها على طرق التجارة في ذلك الوقت1.
وكانت مدينة الإسكندرية أهم مدينة تجارية في الإمبراطورية الرومانية -وكانت عاصمة لمصر آنذاك- تتجمع فيها الغلال التي كانت تحتاج إليها روما وكانت تنتقل إلى الإسكندرية بواسطة نهر النيل وفروعه وقنواته ومن ثم يحملها أسطول تجاري إلى روما، ولم تقتصر وظيفة الإسكندرية على التجارة والحكم فقط، بل كانت مركزا ثقافيا وصناعيا كذلك2.
وكان لسقوط الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي أثره في انكماش الحياة المدنية، فقد اختفى ذلك الاستقرار الذي أسسه الرومان، وتقلصت التجارة، وانكمشت المدن في حجمها وأهميتها بل وهجر السكان كثيرا من المدن الصغيرة في شمال غرب أوروبا، وفي حوض البحر المتوسط استمرت الحياة المدنية في ظروف محددة للغاية وخاصة في شرق البحر المتوسط، حيث كان الاستقرار سائدا في عهد الإمبراطورية البيزنطية بنفس ملامح التحضر السابقة، ولعل من أبرز الأمثلة مدينة الإسكندرية وبيزنطة رغم أنهما لم يكونا في نفس الازدهار السابق، بل إن بيزنطة قد احتلت مركز روما في أيام مجدها وكانت تشبهها في حجمها وثروتها وقوتها البحرية.
المدن الإسلامية:
وبعد ظهور بيزنطة ببضعة قرون ظهر الإسلام وكون المسلمون إمبراطورية واسعة من الدولة البيزنطية وازدهر العمران الحضري في ظل الدولة الإسلامية، وظهرت مدن لعبت دورا هاما في نشر الثقافة وتقدم التجارة، ويرجع هذا الازدهار إلى عوامل مختلفة دينية وسياسية وحربية واجتماعية وتجارية، ومن المدن الدينية التي أنشأها المسلمون فاس ومراكش والرباط والنجف وكربلاء وصارت لمكة والمدينة مكانة خاصة في قلوب المسلمين، كذلك أنشئت مدن عسكرية مثل البصرة والكوفة والفسطاط والقيروان، وظهرت العسكر ثم القطائع ثم القاهرة كعاصمة لمصر.
وعندما وصل العرب إلى إسبانيا أنشئوا كثيرا من المدن وأسهموا في إضافة الكثير للمدن الرومانية التي كانت قائمة بالفعل، وتحكي مدينة قرطبة في أيام الأمويين "756 - 1002" ميلادية مدى دور الحضارة العربية في ازدهار الحياة المدنية، فقد كانت هذه المدينة ذات حجم سكاني يصل إلى نصف مليون نسمة، وتدنى عددهم اليوم ليصل إلى 100000 نسمة فقط.
المدن في العصور الوسطى:
كان انتعاش الحياة الحضرية في كثير من أجزاء أوروبا بطيئا بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية كما لاحظنا، فقد تبع انتشار المسيحية من الشرق الأوسط بين الكنيستين الغربية والشرقية تقسيم جغرافي للعالم الروماني إلى قسمين وتركز النشاط الاقتصادي والسياسي للقسم الغربي اللاتيني في مدينة روما، أما القسم الشرقي البيزنطي فقد تركز في القسطنطينية.
وقد انهارت الإمبراطورية البيزنطية عندما انتشر الإسلام وسيطر المسلمون على شرق وجنوب البحر المتوسط في القرن السابع الميلادي، وأسهم العرب بجهودهم في نشر العمران المدني في المناطق التي سيطروا عليها، وكانت أوروبا تعيش عصرا مظلما Dark Age ولم تنشط التجارة فيها إلا في القرن الحادي عشر حيث بدءوا إعادة بناء كثير من المدن الرومانية في المواضع السابقة، وأنشئت بذلك مدن حديثة، وبدأت بعض القرى الكبيرة في ممارسة بعض الوظائف الحضرية. وفي القرن الثاني عشر أنشئ المزيد من المدن في مواضع جديدة وخاصة على أيدي الألمان الذين انتشروا وسط وشرق أوروبا، وارتبطت هذه المواضع بإنشاء قلاع للسيطرة على المواقع الهامة.
وقد أنشئت مدن العصور الوسطى الأولى في نقاط يسهل الوصول إليها، وبتطور التجارة المحلية والخارجية انتشرت الحضارة في أوروبا حتى أصبحت مظهرا واضحا من مظاهر البيئة في القرن الخامس عشر في معظم غرب ووسط أوروبا، وقد كانت تمارس وظائف متشابهة أبرزها الحرف اليدوية والتجارة، كما كانت مركزا للتجارة المحلية والدفاع، ولكن التزايد في أعداد المدن كان أبرز من التزايد في أحجامها في أوروبا العصور الوسطى وظلت هذه المدن محكومة بالمعادلة السابقة في نشأة المدن، وهي العلاقة بين السكان والموارد المحلية، ومن أمثلة ذلك نورمبرج التي قدر سكانها بحوالي 20.000 نسمة في سنة 1450 ولندن ذات الموقع الهام على نهر التيمز والتي بلغ سكانها 40.000 نسمة سنة 1350، وربما كان هذا هو عدد سكانها في العصر الروماني كذلك.
في بعض أقاليم أوروبا كانت الحياة الحضرية على ازدهارها السابق، فكان سكان فلورنسا في القرن الرابع عشر 90.000 نسمة والبندقية 190.000 نسمة في سنة 1422، ويبدو أن سكان المدن الأخرى كانوا يعدون بالمئات وليس بالآلاف، ولم تتجاوز أكبر المدن حجما 50.000 نسمة، ولكن المدن بدأت تزيد عن هذا الحجم بعد القرن السادس عشر الميلادي وارتبط ذلك بالتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
وفي الأقاليم التي كانت التجارة نشطة بها -والنظام الإقطاعي أقل تأثيرا- فإن المدن في معابر الطرق التجارية بدأت تتوسع توسعا ملحوظا، وفي هذه المناطق بدأت المدن الكبرى في الظهور كعواصم سياسية لوحدات أكبر وما إن تحققت الوحدة القومية داخل هذا الإطار حتى تصبح العاصمة مركز جذب قوي لباقي السكان لتركز الخدمات بها مثل وجود المحاكم والمراكز الإدارية وقد شجع ذلك ظهور حرف وصناعات يدوية لإنتاج السلع الترفيهية والكمالية وساعد عليها اتصال العاصمة بأجزاء الدولة بطرق نقل مناسبة.
كذلك فقد شجع ظهور الدولة القومية على امتداد الحياة المدنية إلى أراضٍ جديدة ففي خلال القرن السادس عشر ساعد المستكشفون على توسيع نطاق العالم المعروف وبدأت بعض الدول مثل إسبانيا والبرتغال وفرنسا وإنجلترا تسيطر على مستعمرات في العالم الجديد وصدرت إليها الحضارة الأوروبية بما فيها النزعة نحو إنشاء المدن الجديدة، ولم تكن المدن الأولى في المستعمرات سوى مراكز تجميع أو قلاع لحماية المستعمرين، وقد تطورت وظائفها في القرن السابع عشر حين طور المستعمرون هذه المناطق وبدأوا في الاستيطان والاستقرار بها، وعلى سبيل المثال فإن مدينة ويليامزبرج Williamsburg في ولاية فرجينيا الأمريكية التي تشبه المدن في الريف الإنجليزي أنشئت سنة 1633، وفي نهاية القرن السابع عشر أصبحت عاصمة مستعمرة فرجينيا الجديدة.