• !
×

rasl_essaher

الفصل الأول: الزراعة

الفصل الأول: الزراعة
مدخل
...
الفصل الأول: الزراعة
تعد الزراعة من الحرف الكبرى التي يمارسها الإنسان في الأقاليم المختلفة، وقد عرفها الإنسان منذ وقت مبكر في البيئات الفيضية اعتمادا على التربة الخصبة ومياه الأنهار الوفيرة وكان وادي النيل الأدنى في مصر ووادي الدجلة والفرات في العراق والسند في باكستان من أقدم البيئات النهرية التي شهدت نشأة الزراعة وتطورها وقامت بها مجتمعات زراعية مستقرة ربما حوالي عام 5500 قبل الميلاد.
وتختلف أنماط الزراعة اختلافا كبيرا من بيئة لأخرى -بل وفي داخل البيئة الجغرافية الواحدة- ويبدو هذا الاختلاف في أسلوب الزراعة وتأثيرها على المجتمع وتأثرها بالظروف الطبيعية والبشرية ويقسم البعض الزراعة على هذا الأساس إلى أنماط مختلفة منها الزراعة البدائية والزراعة المتقدمة، وينقسم النوع الأخير إلى الزراعة الكثيفة والزراعة الواسعة. ويتمثل النوع الكثيف في الأقاليم جيدة التربة وذات الظروف المناخية الأكثر ملاءمة للإنتاج، ولذا غالبا ما يرتبط بها ظاهرة ارتفاع الكثافة السكانية وتزايد الضغط على موارد الأرض ويبدو ذلك بوضوح في جنوب شرق آسيا وفي الهند ومصر وهولندا وبلجيكا وتتصف بالملكيات الصغيرة نتيجة الضغط السكاني.
أما الزراعة الواسعة فترتبط بالمناطق القليلة السكان في الغالب حيث يزداد الاعتماد على الآلات الزراعية المختلفة بدلا من الأيدي العاملة وتتصف بالملكيات الزراعية الكبيرة وقد تكون ملكا للشركات أو أصحاب رءوس الأموال الضخمة وأبرز سماتها الإنتاجية أنها تتخصص في زراعة محصول معين تبعا لظروف الإنتاج الطبيعية. ويظهر هذا النمط في العالم الجديد كالأمريكتين واستراليا.
وسنتناول هنا توزيع الأنماط الزراعية في البيئات الجغرافية الكبرى. الزراعة في البيئة المدارية المطيرة
مدخل
...
أولا: الزراعة في البيئة المدارية المطيرة:
تعتبر البيئة المدارية المطيرة من البيئات الجغرافية المميزة على خريطة العالم، وتشمل مساحات كبيرة من قارتي أمريكا اللاتينية وأفريقيا وبعض المناطق في جنوب آسيا وشمال استراليا. ويتميز بالمناخ المداري المطير الذي تسمح الحرارة السائدة به باستمرار فصل النمو على امتداد السنة بأكملها طالما تسمح الموارد المائية بذلك وتتباين مناطق هذه البيئة في كمية الأمطار الساقطة وتوزيعها على شهور السنة وإن كان بعضها يتصف بفصل جاف. وتصل كمية الأمطار إلى نحو 80 بوصة في السنة بل إن بعض المناطق يسقط بها أكثر من 200 بوصة مما يشكل عائقا كبيرا أمام النشاط البشري فيه، وتتميز هذه البيئة بمناخها الذي ترتبط فيه الأمطار الغزيرة بالحرارة العالية مما يحقق ظروفا ملائمة لنمو النبات.
وتتمثل أنواع الزراعة السائدة في البيئة المدارية المطيرة في الزراعة البدائية من ناحية والمتقدمة من ناحية أخرى وذلك على النحو التالي:
1- الزراعة المتنقلة:
وهي زراعة بدائية تمارسها بعض الجماعات البشرية المتخلفة في الأقاليم المدارية المطيرة ولا يبذل فيها جهد كبير حيث تزال النباتات الطبيعية من مساحة صغيرة من الأرض ثم تبذر البذور وتترك بعد ذلك حتى يحل موعد الحصاد وتنتقل الجماعة البدائية في ثنايا الغابة لتعود وقت الحصاد إلى المنطقة التي زرعتها، وقد تقيم بجوار الحقل فترة مؤقتة حتى ينمو المحصول ويتم حصاده ثم تنتقل بعد ذلك لمنطقة أخرى لتطهيرها من النباتات البرية وزراعتها والانتظار حتى حصاد المحصول وهكذا. وفي كل ذلك ترتبط الزراعة البدائية بحرفة الجمع والالتقاط أو قد ترتبط بقرى شبه دائمة تسكنها الجماعة لمدة ثلاث أو أربع سنوات، وبعد مضي هذه الفترة تكون الأرض قد أنهكت واستنفدت مواردها ثم ما تلبث الجماعة في اختيار موضع جديد تنتقل إليه القرية وتبدأ العملية كلها من جديد في أراضٍ بكر.
وباستمرار تزايد السكان، فإن نمط الزراعة المتنقلة يبدأ في التغيير ويتمثل في قرية كبيرة ودائمة في معظم الأحيان كذلك يكون الاستغلال الاقتصادي لموارد البيئة الطبيعية أكثر تقدما وكثافة نسبيا حيث تتبع الجماعة نوعا من الدورات الزراعية -وفيها تنظف الأرض وتستغل الزراعة لمدة عام أو عامين أو ربما ثلاثة- ثم ما تلبث أن تهمل بعد ذلك وتترك للنمو الطبيعي الغابي. والمدة المثالية اللازمة لإراحة أرض الغابة ينبغي أن تتراوح بين 25 - 30 سنة حتى تتاح الفرصة لاسترداد خصوبتها الطبيعية وقد يؤدي تزايد السكان في معظم المناطق إلى تقليل فترة راحة الأرض ويتبع ذلك تدهور بطيء في التربة يعقبه انتقال القرية بأكملها ورحيلها إلى منطقة أخرى.
وتوجد الجماعات البشرية التي تمارس الزراعة المتنقلة في كل الأقاليم المدارية المطيرة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا بما في ذلك الجزر الواقعة في هذه الأقاليم. وتختلف هذه الجماعات فيما بينها بالنسبة للمحاصيل المزروعة ففي أمريكا اللاتينية يعد المانيوق محصولا رئيسيا "المانيوق يعرف بأسماء كثيرة منها الكاسافا والتابيوكا وهو نبات ذو جذور هي صالحة للأكل وتقسم إلى نوعين: أحدهما مر والآخر حلو، وكلاهما يستخدمان في الأكل" وكذلك البطاطا واليام والفول والذرة والفول السوداني وكلها محاصيل أصلية وذلك بالإضافة إلى المحاصيل التي جلبها الأوروبيون مثل قصب السكر والموز.
أما الشعوب الأفريقية التي تمارس الزراعة المتنقلة فتزرع الذرة الرفيعة واليام الغيني "نوع من البطاطا" والصرغم "نبات كالذرة يستخرج من بعض أنواعه عصير سكري وتستخدم أنواعه الأخرى في أغراض مختلفة" والبطاطس وبعض المحاصيل الوطنية مثل الذرة والموز وأرز المرتفعات الجاف والكاسافا "وهو نبات يستخرج من جذره نشا" والقلقاس وغيرها.
أما المحاصيل الوطنية في آسيا المدارية المطيرة فتشمل الأرز والقلقاس واليام والموز وكذلك بعض المحاصيل المجلوبة مثل الذرة والمانيوق والذرة الرفيعة والبطاطا.
وتختلف هذه المناطق في طرق الزراعة وكذلك في نمط الحياة البشرية بها فمعظم السكان في الأمريكتين يمارسون بالإضافة للزراعة المتنقلة جمع منتجات الغابة موسميا -والتي يصدرونها إلى خارج منطقتهم- ففي أمريكا الوسطى يجمعون اللبان، وفي البرازيل الجوز البرازيلي والمطاط البري ومع ذلك فإن بعض الجماعات الأفريقية أصبحت مستقرة بعد تزايد عدد سكانها بل وتحولوا بعد ذلك الاستقرار إلى زراعة محاصيل نقدية مثل الكاكاو في ساحل غانا والفول السوداني في أقليم السافانا أو جمع منتجات الغابة في المناطق الرطبة.
كذلك فقد كان لتقارب الحضارات القائمة على زراعة الأرز ونظم الزراعة العملية التي أدخلها الأوروبيون في آسيا أثره في تحويل كثير من الزراع المنتقلين إلى زراع مستقرين، وقد يجمع بعض سكان المنطقة المدارية بين هذه الأنماط الثلاثة فيجمعون منتجات الغابات ويزرعون زراعة تجارية على مستوى محدود وكذلك يعملون في المزارع العلمية. وقد يمارسون بالإضافة إلى ذلك حرفة الجمع والالتقاط لغذائهم المحلي.
وتعتبر الأمريكتين الوسطى والجنوبية أقل القارات في النطاق المداري المطير من حيث عدد العاملين في الزراعة المتنقلة ومن جملة ما يزيد قليلا على مليون وربع المليون من الهنود الحمر الذين يمارسون هذه الحرفة فإن 98% منهم يتبعون هذا النمط في حياتهم أما الباقون فهم جماعات جمع والتقاط أساسا، وهؤلاء السكان عموما يعيشون حياة منعزلة في نطاق الغابات ويمكن أن يضاف إلى هذا العدد عدد مساوٍ من المستيزو Mestizo "خليط من البيض والهنود الحمر" والذين يعيشون نفس النمط المعيشي ويتميزون بأنهم أقل انعزالا من الهنود الحمر حيث يتصلون في معظم الأحوال بالعالم الخارجي.
وتعد قارة أفريقيا أكثر القارات في عدد الذين يحترفون الزراعة المتنقلة في الأقاليم المدارية المطيرة حيث تعيش معظم القبائل في أكواخ دائمة أو شبه دائمة وباستمرار تزايد السكان في هذه الأقاليم فإن متوسط استخدام الأرض يصل إلى حوالي ثلاث سنوات وتصل فترة إراحتها من 8 - 15 سنة وذلك تبعا للظروف الطبيعية المتعددة التي تؤثر في هذا النمط الزراعي.
ب- الزراعة المعاشية المستقرة:
تتخلل المناطق المدارية المطيرة بعض الجماعات التي تحولت من الزراعة المتنقلة إلى المستقرة واستمرت في ممارسة هذه الحرفة في نفس المكان بل وفي نفس الأرض سنة وراء أخرى، وقد تطلب ذلك تغيرات في نظام الزراعة أو في البحث عن أراضٍ خصبة أو كليهما معا.
وتختلف التغيرات الحضارية التي اعترت كثيرا من الأقاليم في المناطق المدارية المطيرة من قارة إلى أخرى، ففي آسيا والجزر التابعة لها يتمثل التطور في أمرين أحدهما محصول جديد والآخر فن زراعي حديث وهما الأرز والري. وتخصب حقول الأرز في الغالب بمخلفات الحيوانات حيثما يسهل الحصول عليها ويتطلب الأرز قدرا كبيرا من المياه والأيدي العاملة وهو مقابل ذلك يعطي محصولا وافرا من أي محصول آخر ويمكن زراعة محصولين أو ربما ثلاثة على مدار السنة حيثما تتوفر درجات الحرارة الدافئة والمياه ولذلك فإن أراضي الأرز في الشرق الأقصى أعلى الكثافات السكانية في العالم، ففي دلتا النهر الأحمر في فيتنام، يصل متوسط الكثافة إلى 1200 نسمة في الكيلو متر المربع.
شكل "160" مناطق إنتاج الأرز في جنوب شرق آسيا
وفي أفريقيا تنقسم الزراعة إلى نمطين: أحدهما في الداخل حيث استقرت بعض القبائل التي تزرع الحبوب كمحاصيل رئيسية في المناخ الجاف كما تربي معها الحيوانات في الغالب، ويدرك الزراع مدى ما تفقده الأرض من خصوبة فيعوضونها بمخلفات الحيوانات من ناحية وباتباع دورات زراعية من ناحية أخرى وهناك قلة من القبائل مثل قبائل الكانسو Kansu في أثيوبيا والشاجا Chagga في تنزانيا تلجأ إلى تغذية الماشية وعلفها حتى يحصلوا على مخلفاتها وبعض القبائل الأخرى تلجأ لزراعة المدرجات وري المحاصيل كلما سمحت ظروف البيئة بذلك.
وفي المناطق المطيرة في أفريقيا تقل الزراعة المستقرة حيث تصبح التربات فقيرة ويكثر بهذه الأقاليم ذباب التسي تسي الذي يقلل من تربية الحيوانات إلى حد كبير، ومع ذلك فهناك بعض الزراع المستقرين مثل زراع الأرز في ساحل السنغال وحول الساحل الغربي لليبيريا. وقد أدت زيادة الطلب في أوروبا على المنتجات المدارية الى استقرار بعض الجماعات في بعض المناطق المطيرة وقامت بزراعة الكثير من المحاصيل المدارية مثل الكاكاو ونخيل الزيت والموز والمطاط، كما كان الكثير من الوطنيين يعملون في مزارع البيض التي تزرع هذه المحاصيل في الوقت الذي يمارس بعضهم فيه الزراعة المستقرة بالقرب من هذه المزارع الأوروبية.
ومن الصعب الحصول على أرقام للعاملين في الزراعة المعاشية وذلك لأن الكثير منهم يعمل في الزراعة المعاشية والتجارية معا، وتتركز جماعات هذه الزراعة في الأودية النهرية في آسيا والتي تشغلها حقول الأرز حيث يتبقى للمزارع من إنتاجه ما يفيض عن حاجته ويبيع الباقي ومن ثم فإنه يعد جزئيا فلاحا تجاريا.
وتعد زراعة الأرز أساسا لمعيشة الملايين من السكان الآسيويين في الهند وبورما وتايلاند وإندونيسيا والفلبين وتتركز هذه المناطق في أقاليم الأمطار الموسمية فيما عدا شبه جزيرة الملايو وجزر خط الاستواء، وقد تأقلمت زراعة الأرز مع موسمية الأمطار حيث تنضج أنواع كثيرة منه في مدة 60 -120 يوما مما يؤدي إلى أن محصولين أو ثلاثة يزرعان في السنة الواحدة.
ج- الزراعة التجارية:
تختلط الزراعة المستقرة المعاشية بالزراعة التجارية إلى حد كبير ولذلك فمن الصعب الفصل بينهما ذلك لأن هناك شعوبا قليلة من التي تعيش اليوم على إنتاجها وبيع أو تبادل المنتجات الغذائية، لا تدخل في عداد الشعوب المتقدمة ومعظم هذه الشعوب تنتج كميات قليلة من المحاصيل لبيعها، ومن ناحية أخرى فإنهم يشترون الأغذية التي لا يستطيعون زراعتها، بالرغم من أن نظام التبادل هذا قد وجد منذ آلاف السنين إلا أن الزراعة التجارية تعد ابتكارا داخل المناطق المدارية وبدأت نتيجة اتصالات شعوب الأراضي المعتدلة بالأقاليم المدارية وخاصة بعد تقدم وسائل المواصلات وطرق التجارة بين هذه الأقاليم وقد زاد الطلب في أوروبا على المنتجات المدارية بعد أن اكتشف الأوروبيون معظم المناطق المدارية في العالم الجديد وأفريقيا وبالرغم من أن قائمة المنتجات المدارية التي تتطلبها الأسواق الأوروبية طويلة، إلا أن أهمها الأرز والموز والشاي والبن والكاكاو وبعض الألياف مثل الأباكا والسيسل والقطن والزيوت مثل زيت النخيل وجوز الهند والفول السوداني وكذلك قصب السكر والمطاط وتزرع هذه المحاصيل في الأقاليم المدارية على الرغم من أن بعضها يزرع في الوقت الحاضر في المناطق شبه المدارية كذلك مثل الشاي والبن والقطن وبعض أنواع الأرز.
د- الزراعة العلمية:
كانت التوابل أول المحاصيل المدارية التي بحث عنها الأوروبيون حيث كانت ضمن قائمة الكماليات في أوائل اتصالات الأوروبيين بالأقاليم المدارية المطيرة كما أنها كانت تمثل الشحنات المثالية للرواد والتجار وذلك لغلوها وصغر حجمها وكانت تجمع كمحصول بري أو يزرعها بعض الوطنيين بكميات صغيرة، وأهم هذه التوابل القرفة والقرنفل وجوزة الطيب والفلفل وغيرها والتي كانت تجلب من جنوب شرق آسيا.
وقد لجأ الأوروبيون إلى إقامة مزارع ضخمة من المناطق المدارية المطيرة حتى يمكنهم إنتاج هذه الغلات وغيرها لسد طلبات أوروبا عليها كما حدث في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا مستخدمة في ذلك الأيدي العاملة من الرقيق الذين استبدلوا بعمال أحرار فيما بعد في خلال القرن التاسع عشر وقد تطور إنتاج هذه المزارع تطورا كبيرا بعد تقدم وسائل النقل مما سهل من نقل هذا الإنتاج إلى مناطق استهلاكية في الأقاليم المعتدلة.
وبعد أن كانت المزارع العلمية تتخصص في إنتاج محصول مداري واحد على مستوى كبير أصبح معظمها في الوقت الحاضر ينوع من الإنتاج وذلك لأغراض اقتصادية منها الاستفادة الكاملة من الأيدي العاملة وكذلك تجنب الاعتماد على محصول واحد وما قد ينتج عن ذلك من هزات اقتصادية سنة وراء أخرى تعرض المنتج للخسارة وخاصة في المنافسة الخارجية. وقد تعرضت كثير من المزارع الأوروبية في الدول المستقلة حديثا إلى التأميم كما حدث للمزارع الهولندية في إندونيسيا. وتعد شركة الفواكة المتحدة United Fruits Company من أكبر الشركات الأمريكية التي تمارس هذا النمط من الزراعة في أمريكا اللاتينية.
وتختلف المزارع العلمية حسب المحصول الذي تزرعه فمن حيث الحجم يتراوح ما بين بضعة أفدنة إلى إقطاعيات كبيرة حجمها آلاف الأفدنة وقد وصلت مساحة إحدى مزارع نخيل الزيت في الملايو إلى 25000 فدان كذلك بلغت مساحة مزرعة مطاط فايرسنون في ليبيريا 90000 فدان وقد تملك الشركة المنتجة مجموعة من المزارع في الإقليم الواحد فشركة الفواكة المتحدة تملك 1.726.000 فدان في ست دول بأمريكا الوسطى والجنوبية من هذه المساحة يزرع 388000 فدان بمحاصيل تجارية، ويخصص الثلث للموز، ويتنوع إنتاج المحاصيل التجارية من نخيل الزيت إلى الكاكاو أو الأباكا أو إنتاج بعض الأغذية للعاملين في الشركة.
كذلك يزرع الوطنيون بعض المزارع العلمية الصغيرة الحجم في مختلف الأقطار وقد تعلم الكثيرون منهم المهارات الزراعية عندما كانوا عمالا في مزارع الأوروبيين ثم استقلوا بمزارع خاصة بهم وغالبا ما يبيعون إنتاجهم لهذه المزارع العلمية الكبرى وأمثلة ذلك تلك المزارع الصغيرة في جاوه والتي يتراوح مساحة المزرعة الواحدة منها ما بين فدانين إلى ثلاثة لزراعة المطاط وتبلغ جملة مساحاتها 10000 فدان يقوم الوطنيون بزراعتها.
وبالرغم من أن الزراعة العلمية تمارس بنجاح في هذه المزارع صغيرة الحجم التي يقوم الأفراد بزراعتها، إلا أن إنتاجية الفدان غالبا ما تكون قليلة كما أن جودة المحصول تكون منخفضة إذا ما قورنت بالمزارع العلمية الكبرى وذلك لاختلاف الطرق المستخدمة في الزراعة، وتختلف وسائل النقل عند المزارعين الصغار مما يقلل من عائد زراعاتهم.
شكل "161" مناطق إنتاج الكاكاو في العالم
وتمارس الفنون العلمية في رفع إنتاجية المزارع العلمية حيث تدرس التربة وخصائصها ومدى ملاءمتها للمحاصيل المختلفة وكذلك تدرس ظروف المناخ والطقس وتقام محطات الأرصاد بها للاستعاضة بها في ذلك الغرض كما تختار البذور المناسبة وتمارس التجارب لتحسين خصائصها وتتم الزراعة والحصاد طبقا لاحتياجات المحاصيل الفعلية، وزاد استخدام المخصبات الكيماوية والعضوية كما درست أمراض النباتات والحشرات وطرق مقاومتها وقد أسهم ذلك كله في التأثير على البيئة الطبيعية كما انتقلت معظم هذه الأفكار للوطنيين في المناطق المجاورة للمزارع العلمية.

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  2744