• !
×

rasl_essaher

مقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
مقدمة
فهذا شرح متوسط لكتاب الحج لبلوغ المرام عقدناه في ست مجالس في أحد مساجد الرياض وقد ضمنته كثيراً من فوائد شرح شيخنا ابن باز وشيخنا ابن عثيمين رحمهما الله وأضفت فوائد حديثية وفقهية كثيرة نسأل الله أن ينفع به ولا يفوتني أن أشكر الأخوة الذين قاموا بتفريغ الأشرطة وطباعتها فجراهم الله خيراً وأجزل مثوبتهم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قال المؤلف رحمه الله كتاب الحج باب فضله وبيان من فرض عليه... [عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس لـه جزاء إلا الجنة] متفق عليه. [وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ يا رسول الله : على النساء جهاد؟ قال: نعم عليهن جهاد لا قتال فيه.. الحج والعمرة] رواه أحمد وابن ماجة واللفظ لـه وإسناده صحيح وأصله في الصحيح.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي؟ فقال: لا، وأن تعتمر خير لك] رواه أحمد والترمذي والراجح وقفه وأخرجه ابن عدي من وجه آخر ضعيف.
عن جابر مرفوعاً: (الحج والعمرة فريضتان). وعن أنس رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله ما السبيل؟ قال:" الزاد والراحلة" رواه الدار قطني وصححه الحاكم والراجح إرساله وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر أيضاً وفي إسناده ضعف.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركباً بالروحاء فقال من القوم؟ قالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت: ألهذا حج؟! قال: نعم ولك أجر] رواه مسلم.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد
الشرح: يقول المؤلف رحمه الله: كتاب الحج أي هذا كتاب الحج ثم بدأ بفضله وبيان من فرض عليه، والحج لا شك أنه ركن من أركان الإسلام فقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بني الإسلام على خمس.. وذكر الصيام الركن الرابع وذكر الحج، وفي رواية أنه ذكر الحج ثم ذكر بعده الصيام، وعلى هذا مشى البخاري في صحيحه فإنه قدم الحج ثم أخر الصيام بعد ذلك، ولكن المشهور في الأحاديث في ترتيب أركان الإسلام أن الحج هو آخرها.وعلى هذا مشى مسلم في صحيحه فإنه قدم الصيام على الحج وكذلك أصحاب السنن.والحجُّ نحن لا نطيل الكلام في مسألة الفرضية، إنما المسائل التي تحتاج تدقيق وبحث ننظر فيها. ومن المسائل المهمة متى فرض الحج؟ وعلى هذا ينبني الخلاف في مسألة وجوب الحج هل هو على الفور أم على التراخي. الصحيح أن الحج فرض سنة 9هـ ، وأما قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) فهذه الآية نزلت في صلح الحديبية سنة 6هـ، هذه الآية إنما فيها الإتمام كما فسرها جماعة من السلف من الصحابة والتابعين فيها إتمام الحج، إتمام فرائضه، إتمام فرائض العمرة كذلك وسننها.وأما فرض الحج فهو في آية آل عمران (ولله على الناس حِج البيت) هكذا الأفصح ذو الحجة وحِج البيت (من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) آخر الآية هل يدل على أن من لم يحج كافر؟ -من باب الاستطراد النافع- الأمر كما قال ابن عباس فيما رواه عنه علي بن أبي طلحة، ورواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس منقطعة عند أهل العلم ولكنها وجدت بالتتبع والاستقراء موافقة للصحيح.عن ابن عباس ومستقيمه وعلي ابن أبي طلحة لا بأس من رجال مسلم والمعنى كما قال ابن عباس : (من لم ير حجه براً ولا تركه إثماً) هذا لا شك أنه كافر، الذي لا يرى الحج براً ولا يرى تركه إثماً فهذا كافر.
وآية آل عمران هذه (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) نزلت في السنة 9هـ في عام الوفود باتفاق أهل السير، وأما قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) حينما نزلت سنة 6هـ كانت مكة في قبضة المشركين سنة 6 وسنة 7هـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعمرة القضية سنة 7هـ وسنة 8هـ كان فتح مكة وسنة 9هـ كان عام الوفود وكان النبي عليه السلام ماكثاً في المدينة مشتغلاً باستقبال الناس لدخولهم في الإسلام زرافات ووحدانا، وكان هذا أنفع، أيضاً هناك مانع آخر من كونه يحج عليه السلام سنة 9هـ من أن المشركين كانوا يحجون ولهذا بعث النبي عليه السلام علي بن أبي طالب وأتبعه بأبي بكر، فكانوا يعلنون أنه لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عُريان ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. فكان هذا إعلاناً من الله ورسوله إلى أن الحج في السنة القادمة لا يحج إلا المسلمون، وهذان مانعان مشهوران عند أهل العلم من عدم حج النبي عليه السلام سنة تسع للهجرة :-
أولاً: أن الحج كان فيه مشركون كثير سنة 9هـ. الأمر الثاني: أن النبي اشتغل سنة 9هـ بالوفود وعدد الوفود قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم أفاد الحافظ أنهم بلغوا ستين وفداً كما ذكره في فتح الباري في باب حج أبي بكر بالناس من كتاب المغازي (8/83) . و هناك أمر ثالث ذكره شيخ الإسلام والحافظ ابن حجر وغيرهم وهو أن الزمان لم يكن قد استدار وكانت قريش وغيرها من مشركي العرب يعبثون في الزمان كما قال تعالى (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً).
فكانوا يؤخرون الشهور، فكانت الأيام لم تقع على هيئتها كما خلقها الله عز وجل، لهذا النبي عليه السلام لما خطب سنة 10هـ في حجة الوداع قال: إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض. يعني: وقعت الأيام موقعها وكان شهر ذي الحجة موافق لأول ابتداء الخلق فكان الحج حقيقياً وإن كان هذا في كونه مانع نظراً من حيث إن الناس كما أجمع أهل العلم- لو وقفوا في اليوم الثامن أو اليوم العاشر بعرفة لصح حجهم باتفاق. هذا الوجه فيه ضعف من هذه الحيثية ،ويمكن أن يقال بالفرق فإنما صح حج الناس في مثل هذه الصورة لعدم العلم .
فالصحيح أن الحج فرض سنة 9هـ وعلى هذا ما يكون النبي تركه إلا بأعذار فيكون الأصل الحج على الفور وقد حكى شيخ الإسلام اتفاق الصحابة والسلف أنه على الفور كما في شرح العمدة (1/215) ويدل عليه أثر عمر ، وقد روي عنه من غير وجه وهو ثابت عنه قوله "من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً" وفي لفظ عنه "ولقد هممت أن ابعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل رجل ذا جِدة لم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين " قال شيخ الإسلام في شرح العمدة وهذا قول عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة أ.هـ . والمشهور عند الشافعية أن الحج فرض في سنة 6هـ وعلى هذا جرى قولهم واشتهر عنهم أن الحج ليس بواجب على الفور وإنما على التراخي، والعجيب أنهم يقولون: الحج ليس بواجب على الفور ولكن من مات علمنا أنه واجب عليه فيلزمه إن كان ترك مالاً أن يخرج من تركته من يحج عنه.
واحتج بعض الشافعية وغيرهم بأنه في قراءة بعض أصحاب ابن مسعود كعلقمة وغيره من أصحاب ابن مسعود وصح عن إبراهيم النخعي أنه قرأ قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) بلفظ (وأقيموا) ولكن هذه القراءة ضعيفة من وجهين:
الأول:أنها تخالف الرسم العثماني فتكون شاذة.
الثاني:أنها تفسيرية (أقيموا) و(أتموا) متقاربان. والصحيح أنها تفسيرية للآية بالرسم المشهور (وأتموا الحج.. الآية).
وعلى هذا لا حجة لمن قال أن الحج واجب على التراخي، فالصحيح أن الإنسان إذا بلغ سنة بلوغه كما لو بلغ في شوال أو في ذي القعدة وكان موسراً تلك السنة فيجب عليه أن يحج في أول سنة يصادفه فيها الحج،ومن مات وقد فرط في أداء الحج بعد القدرة عليه فيخشى ألا ينفعه تأديته عنه بعد موته ( انظر كلام ابن القيم في تهذيب السنن (3/282)).
وهل الحج عبادة بدنية أو مالية؟! الأصل فيه أنه عبادة بدنية ولكن قد يحتاج الإنسان فيه إلى المال ولكن المال ليس فيه على وجه اللزوم مثل الجهاد، فالجهاد عبادة مالية وبدنية لما يحتاج إليه من المركوب والسلاح وما أشبه ذلك وأما الحج فبإمكان الحاج أن يحج ولا ينفق شيئاًً. هذا هو الأصل ولكن الغالب على أهل الآفاق أنهم يحتاجون إلى مال فهذا لا يخرجه عن الأصل.
شروط الحج:

1- الإسلام..
2- البلوغ.
3- العقل.
4- الحرية.
5- القدرة.

ونظمها بعضهم في بيتين قال:
الحجُّ والعمرة واجبان
شرط إسلامٍ كذا حرية
في العمر مرة بلا تواني
عقل بلوغ قدرة جلية

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  466