• !
×

rasl_essaher

باب الإحرام وما يتعلق به

باب الإحرام وما يتعلق به
** الحديث السادس عشر:عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند المسجد " متفق عليه
هذا حديث ابن عمر وفيه إثبات أن النبي أهل من عند المسجد وكونه يأتي من المسجد جاء تبيينه في الصحيحين عن ابن عمر كذلك قال (فأهل من عند المسجد) الحديث.
فلا يفهم من عند المسجد أنه يعني بعد الصلاة صلى الظهر في المدينة أربعاً والعصر بذي الحليفة ركعتين ثم بات تلك الليلة ثم أحرم فإنه أحرم عندما انبعثت به راحلته هذا هو الصحيح وفي لفظ عن ابن عمر كذلك (ثم يركب فإذا استوت به راحلته قائماً أحرم) وفي حديث جابر (حتى إذا استوت به على البيداء) وهذا لا ينافي أن يكون احرم عندما أول ما ركبها فإما أن يكون استوى عليها وهي على البيداء فالمكان هناك كله صحراء أو يكون مشى شيئاً ثم رفع صوته فسمعه جابر وهذا هو الصحيح أنه لم يحرم عليه الصلاة والسلام بعد الصلاة ولم يشرع في التلبية وعقد الإحرام حتى مشى بل منذ أن ركب راحلته واستوت به أهل عليه الصلاة والسلام.
وبعضهم رام جمع الآثار في هذا وقال إن الحديث الذي رواه أبو داود من طريق خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير قال: (عجبت لاختلاف أصحاب النبي في نسكه) قال ابن عباس: (إنه أهل بعد الصلاة فسمعه قوم فنقلوا عنه ثم أهل بعد ما ركب دابته فأدركه قوم فأخذوا عنه ثم أهل بعدما علت به على البيداء فأدركه قوم فأخذوا عنه) وهذا لا يثبت خصيف ضعيف ولو صح لكان فيصلاً في المسألة ولكان الصواب أنه أهل عليه السلام حينما استوت به الناقة وكان عند المسجد.
وفي الحديث أن الإنسان يؤخر التلبية حتى يركب السيارة ويستقبل القبلة ثم يحرم لأنه قد يكون نسي شيئاً.
وهل للإحرام صلاة تخصه؟
الجمهور على أن للإحرام صلاة تخصه والقول الثاني ليس لـه وهذا هو الصحيح لكن إن صلى عند الميقات فرضاً فالأفضل أن يحرم عقيب الفرض على الوجه الذي ذكرنا هنا ولكن كونه يمشي ويريد أن يميل إلى مسجد الميقات ثم يصلي ركعتين ثم يهل بعدهما فهذا لا أصل لـه أما حديث ابن عباس (صل في هذا الوادي المبارك ثم قل: عمرة في حجة) فهو صلى عليه الصلاة والسلام أي وافق صلاة الفرض فصلاها عليه الصلاة والسلام. فإن رتب الإنسان أنه يمر بالميقات فرضاً من الفروض ثم يحرم عقيبه فلا بأس وفيه من الفوائد رفع الصوت بالتلبية لأنهم سمعوه.
** الحديث السابع عشر: وعن خلاد بن السائب عن أبيه رضي الله عنه " أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : أتاني جبريل ، فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال" رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن حبان
هذا الحديث يروى من طريق عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب عن أبيه ، وقد اختلف في صحابيه والمحفوظ أن صحابيه السائب والد خلاد كما قال مالك والبخاري والترمذي وغيرهم ، لـه شواهد من حديث أنس عند البخاري وفيه قوله : "وسمعتهم يصرخون بها جميعاً أي التلبية" وهي تدل على أن رفع الصوت من المسنون في حدود الاستطاعة.
** الحديث الثامن عشر: وعن زيد بن ثابت رضى الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله ، واغتسل " رواه الترمذي وحسنه.
هذا الحديث يروى من طريق عبد الله بن يعقوب المدني عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن طارق بن زيد عن أبيه ، وعبد الله بن يعقوب فيه جهاله وعبد الرحمن ضعيف وابن يعقوب قد توبع لكن مدار الحديث على أن أبي الزناد فالحديث لا يثبت وفي صحيح مسلم حديث جابر وسيأتي أن أسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر قال لها النبي (اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي).
وهذا الاغتسال عند الميقات للدخول في النسك حجاً كان أو عمرة هل هو لأجل النظافة أو هو عبادة محضة؟
قال بعضهم: إن هذا معقول لأجل النظافة وحصول النشاط على هذا لو عدم الماء فإنه لا يتيمم لأن المقصود التنظيف لا رفع الحدث وهذا اختيار شيخ الإسلام والدليل معه حديث أسماء بنت عميس أمرها النبي وهي نفساء والمعلوم أن النفساء لو اغتسلت ما ينفعها الغسل فلا يرتفع حدثها لتجدده ولكن المقصود النظافة. وهذا هو الصحيح وصح عن ابن عمر قوله :" إن من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم...." فهذا الاغتسال سببه عقد الإحرام فهو عام لكل محرم.
** الحديث التاسع عشر: وعن ابن عمر رضي الله عنهما " أن رسول الله سئل ما يلبس المحرم من الثياب قال : لا يلبس القميص ، ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحداً لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران ولا الورس " متفق عليه.
هذا الحديث فيه بيان ما يلبس المحرم، سأل الرجل عن بيان ما يلبس. فأجابه النبي عما لا يلبس لأن الذي يلبس كثير فقال لـه: لا تلبس كذا وكذا والباقي مباح.
وهذا الحديث كان بالمدينة عندما خطب الناس وعلمهم، وأمر فيه بقطع الخفين وأما في عرفات في حديث ابن عباس أنه قال (ومن لم يجد النعلين فليلبس الخفين) فدل على أن قطع الخفاف إذا لم يجد النعال منسوخ وقطع الخفاف إفساد لها، وجاء نحو حديث ابن عباس حديث جابر أخرجه مسلم في صحيحه في أول كتاب الحج.
والقميص مثل الثياب والعمائم معروفة والسراويلات، وهي التي تلبس على العورة والرجلين وكذلك إذا كانت قصيرة يسمونها (التبان)، والبرانس هي ثياب رؤوسها منها، والخفاف تكون من الجلود وغيرها وتلبس على الأرجل.
فما شابه هذه الملابس مما يكون في معناها فأن حكمه حكمها والتعبير النبوي واضح في عدم لبس كذا وكذا ولا شك أن الشريعة لا تفرق بين المتماثلين فإذا وجد لباس (الفانيلة) مثل القميص والطاقية مثل العمامة والسروال الصغير مثل السراويل الكبيرة والمشلح مثل البرنس أو قربياً منه والشرابات مثل الخفاف وهكذا وعلى ذلك فقس.
فلا تلبس هذه الملابس وما في معناها مما يحدث عند الناس، فإذا لم يجد الإنسان النعلين يلبس الخفين بلا قطع وكذلك إذا لم يجد الإزار يلبس السراويل.
وهل عليه فدية أم لا؟ كثير من أهل العلم يقول: عليه فدية ولكن النبي عليه السلام لم يذكر الفدية.
وقوله (لا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه زعفران ولا ورس) هل نهى النبي عن لبس الثياب التي مسها الزعفران والورس لأجل اللون أو الريح؟
الصواب: أنه نهى عنهما جميعاً لأن الزعفران ليس من طيب الرجال بل من طيب النساء لهذا في حديث أنس عند مسلم (نهى النبي عليه السلام أن يتزعفر الرجل) ولما رأى على عبد الرحمن بن عوف ردعة من زعفران: قال: مهيم قال: إني كنت تزوجت فقال : لا بأس أو كما قال عليه السلام لأنه أصابه من مخالطة المرأة فلا يجوز للرجل أن يلبس ثوباً مسه زعفران سواءً كان محرماً أو غير محرم.
فالصفرة هذه صفرة الزعفران ليس من طيب الرجال وكذلك المحرم لا يلبس ثوباً مسه الطيب لأن الزعفران طيب والورس كذلك نبت طيب الرائح
وفيه من الفوائد حرص الصحابة على التعليم حيث سألوه عما يلبس وفيه حسن تعليم النبي عليه السلام. وفيه تحريم لبس المذكورات.
وهنا مسألة الإزار (ما يغطي الشق التحتي من البدن) لو أن إنساناً خاطه مثل (الوزرة) التي يلبسها الناس الآن وجعل لـه مغّاط بحيث يستقر على الحقو يكون شاداً عليه لكنه مخيوط خاطه من فوق وخاطه بالطول فلا يحتاج إلى مسك ولا ربط يخلعه إن شاء ويلبسه إن شاء، هل يجوز لبسه؟ الشيخ محمد بن عثيمين يقول: هذا إزار ويسمونه العامة (وزرة) ولم يرتكب المحرم شيئاً منهياً.
وسئل شيخنا أن ابن باز رحمه الله فقال: هذا ما يجوز هذا مثل السراويل مابقى إلا خياطته في الوسط فيصير مثل السراويل فالمسألة محل خلاف بين الشيخين والأحوط ألا يلبس هذا وإن كان فيه راحة في اللبس ولكن قد لا تكون راحة في الشرع فالأحوط تركه.
وعائشة رضي الله عنها علق لها البخاري أنها كانت لا ترى بأساً بلبس التبان لمن يرحلون هودجها أي (يحملونه) إذا لبس الإزار يمكن أن تنكشف عورتهم فكانت تفتى بلبس التبان للحاجة فهذا قوي لمن يتعاطى مثل هذا ولكن الأصول تمنع هذا والشيخان على أنه لا يجوز لبس هذا التبان.والتبان السروال القصير.
ومما يكمل هذا الحديث حديث الذي مات ووقصته الدابة قال (لا تخمروا رأسه ولا وجهه) فهل تثبت هذه الزيادة وهي أصل هذا الحديث ما رواه الستة وأحمد وغيرهم من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قصة الرجل الذي كان واقفاً مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة فوقع من راحلته فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه طيباً ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً " .
وهذا الحديث له ألفاظ متقاربة ويرويه عن سعيد بن جبير اثنا عشر راوياً وهذا تفصيل رواياتهم :
1 ـ أبو الزبير :
أخرجه مسلم ( 2900 ) عن هارون بن عبدالله عن أسود بن عامر عن زهير عنه وفيه ذكر الوجه ولفظه " وأن يكشفوا وجهه حسبته قال ورأسه " قال البيهقي " ذكر الوجه على شك فيه في متنه ورواية الجماعة الذين لم يشكوا وساقوا المتن أحسن سياقة أولى أن تكون محفوظة أ هـ كلام البيهقي ويأتي مزيد بيان إن شاء الله .
2 ـ ابراهيم بن أبي حرة : أخرجه أحمد عن سفيان بن عيينة عنه بدون ذكر الوجه .
3 ـ عمرو بن دينار واختلف عليه في ذكرها كثيراً فالحديث يرويه عن عمروأكثر من أربع عشرة نفساً
أ ) الثوري :
أخرجه مسلم عن أبي كريب عن وكيع ح وأخرجه ابن ماجة عن علي بن محمد الطنافسي كلاهما ( الطنافسي وأبو كريب ) عن وكيع عن الثوري عن عمرو بذكـر الوجه وتابع وكيعاً أبو داود الحفري : أخرجـه النسائي ( 2714 ) عن عبدة بن عبدالله الصفار عن الحفري عن سفيان وفيها ذكر الوجه ورواه محمد بن كثير عند أبي داود ( 3238 ) والبيهقي ( 3/391 ) عن الثوري بدون ذكر الوجه .
ومن طريق مسلم المذكورة أخرجه البيهقي ( 5 / 53 ) وابن حزم ( 7/92 ) وقال ابن حزم خبر ثابت وقال البيهقي ورواه محمد بن عبدالله بن نمير عن وكيع دون ذكر الوجه فيه وكذا رواه محمد بن كثير وعبدالله بن الوليد العدني عن سفيان دون ذكر الوجه أ.هـ .
ب ) ابن عيينة :
روى الحديث عنه أربعة أحمد في المسند ( 1914 ) والحميدي في مسنده ( 466 ) وابن أبي شيبة عند مسلم ( 2891 ) وابن أبي عمر عند الترمذي ( 951 ) وليس في شيء من ذلك ذكر الوجه .
ج ) يونس بن نافع :
أخرجه النسائي ( 1904 ) أخبرنا عتبة بن عبدالله حدثنا يونس وليس فيها ذكر الوجه .
د ) ابن جريج :
أخرجه احمد ( 323 ) عن يحيى عنه وليس فيها ذكر الوجه وكذلك أخرجه النسائي
( 2858 ) اخبرنا عمران بن يزيد حدثنا شعيب بن اسحاق اخبرنا ابن جريج وليس فيها ذكر الوجه .
هـ ) عمرو بن الحارث :
اخرجه ابن حبان ( 3928 ) اخبرنا ابن سلم عن حرملة عن ابن وهب عن عمرو وليس فيها ذكر الوجه .
و ) حماد بن زيد :
أخرجه مسلم ( 2892 ) حدثنا أبو الربيع الزهراني قال حدثنا حماد ليس فيها ذكر الوجه وأخرجه البخاري ( 1849 ) حدثنا سليمان بن حرب ح وحدثنا مسدد ( 1268 ) كلاهما سليمان ومسدد عن حماد عن عمرو وليس فيها ذكر الوجه .
ز ) سليم ( بفتح السين ) بن حيان:
أخرجه الطبراني في الصغير ( 2 /188) برقم (1004) وليس فيها ذكر الوجه .
ورواها أعني ذكر الوجه عن عمرو كل من عبدالله بن علي الأزرق وأبان العطار وأشعث بن سوار وأبان بن صالح وابن أبي ليلى وأبو مريم وعمر بن عامر وكل رواياتهم عنه عند الطبراني ( 12/ 76 فما بعدها ) ورواية عمـر بن عامر أخرجها كذلـك الدارقطنـي ( 2/295 )
4 ) رواية أيوب السختياني:
أخرجها البخاري ( 1265 ) حدثنا أبو النعمان عن حماد عن أيوب ليس فها ذكر الوجه وأخرجه النسائي عن قتيبة عن حماد ليس فيها ذكر الوجه وبمثل طريق النسائي أخرجها البخاري بسنده ومتنه سواء ( 1266 ) وأخرجها احمد ( 3076 ) عن عبدالرزاق عن معمر عن أيوب ليس فيها ذكر الوجه وكذلك أخرجها احمد ( 2591 ) عن محمد بن جعفر عن سعيد بن أبي عروبه عن ايوب ليس فيها ذكر الوجه .
5 ) رواية الحكم بن عتيبة :
اخرجه ا البخاري ( 1839 ) عن قتيبة عن جرير عن منصور عن الحكم ورواها النسائي
( 2856 ) اخبرنا محمد بن قدامة عن جرير به ليس فيها ذكر الوجه وكذا رواها أبو داود ( 3241 ) عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير دون ذكر الوجه .
ورواها احمد عن حسين عن شيبان عن منصور عن الحكم ليس فيها ذكر الوجه ثم أردفه أحمد برواية أسود حدثنا إسرائيل بإسناده إلا أنه قال " ولا تغطوا وجهه " ورواه مسلم في الصحيح ( 2901 ) عن عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عن سعيد وفيها ذكر الوجه فأسقط إسرائيل الحكم وقد خالفه عمرو بن أبي قيس عند أبي عوانة برقم ( 2/ 273 ) وعبيدة بن حميد عن الدارقطني ( 2 / 295 ) فهؤلاء أربعة جرير وشيبان وعمرو بن أبي قيس وعبيدة بن حميد كلهم يذكرون الحكم ولا يذكرون الوجه إلا في رواية عبيدة قال البيهقي ( 3 / 393 ) هذا هو الصحيح منصور عن الحكم عن سعيد وفي متنه ولا تغطوا رأسه ورواية الجماعة في الرأس وحده وذكر الوجه غريب أ.هـ .وتعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي بقوله " قد صح النهي عن تغطيتهما فجمعها بعضهم وأفرد بعضهم الرأس وبعضهم الوجه والكل صحيح ولاوهم في شيئ منه وهذا أولى من تغليط مسلم .
6 ) ـ عبدالكريم الجزري : أخرجها أحمد ( 3077 ) حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن عبدالكريم الجزري وليس فيها ذكر الوجه ، وكذا رواية عبيد الله بن عمرو عن الجزري عند الطبراني ( 12/80 ) ليس فيها ذكر الوجه .وروى الطبراني ( 12/80 ) من طريق قيس بن الربيع عنه وبها ذكر الوجه وقيس ضعيف وقد خولف .
7 ) طريق ابي بشر :
واختلف عليه في ذكر الوجه فيرويه عن أبي بشر :
أ ـ شعبة :
أخرجه مسلم ( 2899 ) عن محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع كلاهما عن محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر بذكـر الوجه وعن محمد بن جعفر أخرجـه أحمـد ( 2600 ) بذكـر الوجه وأخرجـه النسائي ( 2854 ) ( 5/696 ) عن محمد بن عبد الأعلى عن خالد الحذاء عن شعبة بذكر الوجه وأخرجه ابن ماجة ( 3084 ) حدثنا علي بن محمد عن وكيع عن شعبة بذكر الوجه ورواه ابن حبان ( 3960 ) من طريق أبي اسامة عن شعبة بذكر الوجه فهؤلاء أربعة يروونه عنه شعبة بذكر الوجه محمد بن جعفر وهو من أثبت الناس فيه ووكيع وخالد الحذاء وأبو أسامة .
ب ـ هشيم :
أخرجه النسائي ( 2853 ) والبخاري ( 1851 ) كلاهما عن يعقوب بن ابراهيم عن هشيم به دون ذكر الوجه ، وأخرجه مسلم ( 2897 ) عن محمد بن الصباح ويحيى بن يحيى كلاهما عن هشيم به دون ذكر الوجه ، وأخرجه أحمد ( 1850 ) عن هشيم به دون ذكر الوجه
ج ـ خلف بن خليفة :
أخرجه النسائي ( 2857 ) حدثنا محمد بن معاوية عن خلف بن خليفة عن أبي بشر وفيه ذكر الوجه .
د ـ أبو عوانه :
أخرجه مسلم ( 2898 ) حدثنا أبو كامل الجحدري عن ابي عوانة به دون ذكر الوجه ، وأخرجه( 3031 ) عن عفان حدثنا أبـوعوانـة به دون ذكـر الوجه وأخرجـه البخاري ( 1267 ) حدثنا أبو النعمان أخبرنا أبو عوانة به دون ذكر الوجه .
8 ) ـ قتادة بن دعامة
أخرجه أحمد ( 2591 ) عن محمد بن جعفر عن سعيد عن قتادة وأيوب عن سعيد بن جبير به دون ذكر الوجه وقتادة لم يسمع من سعيد في قول يحي بن معين واحمد لكنه هنا مقرون فرجع الحديث إلى أيوب .
9 ) عطاء بن السائب :
أخرجه الطبراني ( 12/79 ) من طريقه عنه عن سعيد ليس فيها ذكر الوجه .
10 ) فضيل بن عمرو :
أخرجها الطبراني ( 12/73 ) من طريق شريك عن سعيد بن صالح عنه دون ذكر الوجه وفيه شريك .
11 ) مطرالوراق :
أخرجها الطبراني ( 12/81 ) من طريق فضيل بن عياض عن هشام بن حسان عنه وفيها ذكر الوجه وكذا أخرجها أبو عوانة ( 2/272 ) ومطر ضعيف .
12 ) سالم الأفطس :
أخرجها الطبراني (11/436) عن سعيد دون ذكر الوجه وبها قيس بن الربيع وفيه كلام .
خلاصــة ما مضى :
أولاً :
طريق ابي الزبير عن سعيد وقد وقع فيها الشك أخرجها مسلم وتقدم كلام البيهقي وقد اضطرب حفظ أبي الزبير لها فحفظ الوجه وشك في الراس مع أن الراس لا خلاف في ذكره فهذا مما يدل على أنه لم يحفظ كما ينبغي .
ثانياً :
طريق عمرو بن دينار عن سعيد .
أ ـ من طريق الثوري ذكرها وكيع عنه واختلف عليه فذكرها الطنافسي وأبو كريب ولا يذكرها عن الثوري عبدالله بن الوليد ولا محمد بن كثير ويذكرها أبو داود الحفري فكونها محفوظة في طريق الثوري محل نظر .
ب ـ ورواها عن عمرو من تقدم ذكرهم وأما سائر أصحاب عمرو من كبار الحفاظ كابن عيينة وحماد وابن جريج ويونس وعمرو بن الحارث وقيس بن سعد لا يذكرونها أصلاً .فهي منكرة من طريق عمرو .
ثالثاُ :
طريق الحكم عن سعيد جاءت الزيادة عنه من طريق اسرائيل عن منصور عنه وخالف اسرائيل شيبان فلم يذكرها وكذا لا يذكرها جرير ولا عمرو بن أبي قيس فالزيادة في طريق الحكم غير محفوظة وكلام ابن التركماني المتقدم ليس بشئ ولا يجيء على طريقة الأوائل في مثل هذا الموضع .

رابعاً :
طريق منصور بن المعتمرعن سعيد وجاءت الزيادة عند مسلم من طريق عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى عن اسرائيل عن منصور وهذه الرواية وقع وهم فيها في السند والمتن فرجعت إلى طريق الحكم دون ذكر الوجه كما تقدم .
خامساً : طريق ابي بشر عن سعيد :
أ ـ الزيادة من هذا الطريق رواها عن شعبة وكيع ومحمد بن جعفر وخالد الحذاء وأبو أسامة .
ب ـ طريق خلف بن خليفة جاءت من طريق واحد عند النسائي أخرجها عن محمد بن معاوية عن خليفة وأما سائر أصحاب أبي بشر كهشيم وأبي عوانة فلا يذكرونها وكونها محفوظة عن أبي بشر إنما هذا من ناحية التحمل عنه لكن من جهة حفظه إياها فمحل نظر فسائر الرواة عن سعيد كأيوب وابراهيم بن أبي حرة وعبدالكريم الجزري فلا يذكرونها أصلاًُ إذاً شعبة بريء من العهدة والحمل في ذلك على أبي بشر في ذكرها ومما يدل على ذلك أنّ هشيماً وأبا عوانه لا يذكرون الزيادة وهما من هما قال علي بن حجر هشيم في أبي بشر مثل أبن عيينه في الزهري سبق الناس هشيم في أبي بشر وقال ابن المبارك : من غير الدهر حفظه فلم يغير حفظ هشيم ، وقال أبن مهدي حفظ هشيم أثبت من حفظ أبي عوانه وكتاب أبي عوانه أثبت من حفظ هشيم أ . هـ . تهذيب الكمال ( 30/ 282 ) قلت قد أجتمعا .
والحقيقة أن القول بأنها محفوظة في الحديث قول فيه بعد مع أن مسلماً رحمه الله اخرج الحديث عن أصحاب عمرو كسفيان بن عيينة وحماد وابن جريج ثم جعل طريق الثوري عن عمرو آخر ما ذكر ثم أخرج مسلم الحديث عن أصحاب ابي بشر فبدأ برواية هشيم ثم أبي عوانة ثم جعل طريق شعبة عن أبي بشر آخر ما ذكر . ثم أخرج في آخر الباب حديث أبي الزبير عن سعيد وحديث منصور عن سعيد ، والمتتبع لطريقة مسلم في كتابه الصحيح يجده يقدم الأصح أولاً في الأغلب ثم يردفه بما دونه كما في مقدمته لصحيحه فمسلم مع إخراجه له قد صنع به ماترى وقد بوب النسائي للحديث باب ( النهي عن أن يخمر وجه المحرم ورأسه إذا مات ) وقال ابن حزم إنه خبر ثابت عن رسول ا لله صلى الله عليه وسلم في أمره في الذي مات محرماً ألا يخمر رأسه ولا وجهه رويناه من طرق حجة منها من طريق مسلم : حدثنا أبو كريب فذكره أ .هـ .
وحكى ابن المنذر الخلاف ولم يرجح ( 5/345 ) .
وقال البيهقي ( 5/53 ) : باب لا يغطي المحرم رأسه وله أن يغطي وجهه وذكر بعض الطرق عن سعيد عن ابن عباس والاختلاف في الزيادة .. وقد مررنا على ذلك بتمامه ثم أسند عن عبدالله بن عامر بن ربيعة أنه قال رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان .. وكـذا أخرجه ابن حـزم ( 7/ 91 ) قلت أثر عثمان أخرجه مالك ( 1/327 ) .
وأسند البيهقي أيضاً من طريق ابن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم حرم .
وأسند أيضاً عن يعلي بن عبيد عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال يغتسل المحرم ويغسل ثيابه ويغطي أنفه من الغبار ويغطي وجهه وهو نائم . أ . هـ .ثم قال البيهقي خالفهم ابن عمر ، وأسند من طريق مالك عن نافع أن عبدالله بن عمر كان يقول ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم . أ . هـ .
وأثر جابر أخرجه ابن حزم أيضاً وأخرج كذلك من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن الفرافصة بن عمير قال كان عثمان وزيد بن ثابت وابن الزبير يخمرون وجوههم وهم محرمون وأسند ابن حزم من طريق عبدالرزاق عن الثوري عن ابي الزبير عن جابر وابن الزبير أنهما كانا يخمران وجوههما وهما محرمان ومن طريق حماد عن عيسى بن سعد عن عطاء عن ابن عباس أنه قال : المحرم يغطي ما دون الحاجب . ثم قال ابن حزم : وعن عبدالرحمن بن عوف أيضاً إباحة تغطية المحرم وجهه وهو قول عطاء وطاووس ومجاهد وعلقمة وابراهيم النخعي والقاسم بن محمد كلهم أفتى المحرم بتغطية وجهه وبيَن بعضهم من الشمس والغبار والذباب وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأبي سليمان وأصحابهم ، وروي عن ابن عمر لا يغطي المحرم وجهه ،وقال به مالك ولم ير على المحرم إن غطى وجهه شيئاً لا فدية ولا صدقة ولا غير ذلك إلا أنه كرهه فقط بل قد روي عنه ما يدل على جواز ذلك . أ . هـ . وقال أبـو الطيب فـي تعليقه علـى الـدارقطنـي ( 2 / 296 ) وقال الحاكم في كتاب علوم الحديث وذكر الوجه في الحديث تصحيف لرواية الجماعة الثقات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته ولاتغطوا رأسه . أ . هـ والمرجع في ذلك إلى مسلم لا إلى الحاكم فإن الحاكم كثير الأوهام وأيضاً فالتصحيف إنما يكون في الحروف المتشابهة وأي مشابهة بين الوجه والرأس في الحروف . إلى آخر كلام أبي الطيب .
وقال ابن عبد البر في الاستذكار ( 11/45 ) اختلف العلماء في تخمير المحرم وجهه بعد إجماعهم أنه لا يخمر رأسه فكان ابن عمر فيما رواه مالك وغيره عنه يقول : ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم ولذلك ذهب مالك وأصحابه وبه قال محمد بن الحسن من غير خلاف عن أصحابه ، قال ابن القاسم : كره مالك للمحرم أن يغطي ذقنه أو شيئاً مما فوق ذقنه لأن إحرامه في وجهه ورأسه ، قيل لابن القاسم : فإن فعل أترى عليه فدية ؟ قال : لم أسمع من مالك فيه شيئاً ولا أرى عليه شيئاً لما جاء عن عثمان في ذلك ، وقد روي عن مالك : من غطى وجهه وهو محرم أنه يفتدي ، وفي موضع آخر من كتاب ابن القاسم . أرأيت محرماً غطى وجهه ورأسه في قول مالك .قال : قال مالك : إن نزعه مكانه فلا شيء عليه وإن تركه فلم ينزعه مكانه حتى انتفع بذلك افتدى قلت : وكذلك المرأة إذا غطت وجهها ؟ قال : نعم إلا أن مالكاً كان يوسع للمرأة أن تسدل رداءها فوق رأسها على وجهها إذا أرادت ستراً وإن كانت لا تريد ستراً فلا تسدل ، قال أبو عمر : روي عن عثمان وابن عباس وعبد الرحمن بن عوف وابن الزبير وزيد بن ثابت وسعد بن أبي وقاص وجابر بن عبدالله : أنهم أجازوا للمحرم أن يغطي وجهه فهم مخالفون لابن عمر في ذلك ، وعن القاسم بن محمد وطاووس وعكرمة أنهم أجازوا للمحرم أن يغطي وجهه ، وقال عطاء : يخمر المحرم وجهه إلى حاجبيه ، وبه قال الثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود ، وذكر عبد الرزاق عن ابن عيينه عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال :كان عثمان وزيد بن ثابت يخمران وجوههما وهما محرمان ، وكل من سمينا في هذا الباب من الصحابة ففي كتاب عبد الرزاق أ . هـ .قلت الآثار عن الصحابة وغيرهم أنظرها في المصنف ( 3 / 273 ) لابن أبي شيبة .
وقال أبو محمد في المغني ( 5 / 153 ) و في تغطية المحرم وجهه روايتان :
إحداهما : يباح ذلك ، روي ذلك عن عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وزيد بن ثابت وابن الزبير وسعد بن أبي وقاص وجابر والقاسم وطاووس والثوري والشافعي .
الثانية : لا يباح ، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك لما روي عن ابن عباس أن رجلاً وقع عن راحلته فوقصته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا وجهه ولا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة يلبي " . ولأنه محرم على المرأة فحرم على الرجل كالطيب ولنا ما ذكرنا من قول الصحابة ولم نعرف لهم مخالفاً في عصرهم فيكون إجماعاً ولقوله عليه الصلاة والسلام " إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها " وحديث ابن عباس المشهور فيه " ولا تخمروا رأسه " هذا المتفق عليه وقوله " ولا تخمروا وجهه " فقال شعبة حدثنيه أبو بشر ثم سألته عنه بعد عشر سنين فجاء بالحديث كما حدث إلا أنه قال " ولا تخمروا وجهه ورأسه " وهذا يدل على أنه ضعف هذه الزيادة وقد روي في بعض ألفاظه " خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه ( 1 )فتتعارض الروايتان وما ذكره يبطل بلبس القفازين . أ . هـ .
وقال في الفروع ( 3/271 ) ويجوز تغطية الوجه في رواية اختارها الأكثر وفاقاً للشافعي وفعله عثمان ورواه أبوبكر النجادعنه وعن زيد وابن الزبير وأنه قاله ابن عباس وسعد بن أبي وقاص وجابر وعن ابن عمر روايتان ، روى النهي عن مالك ولأنه لم تتعلق سنة التقصير من الرجل فلم تتعلق به حرمة التخمير كسائر بدنه وعنه لا يجوز . أ . هـ .
قلت الروايتان عن ابن عمر أخرجهما مالك عن نافع عن ابن عمر كان يقول : ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم والرواية الثانية من الطريق نفسها أن عبدالله بن عمر كفن ابنه واقد بن عبدالله ومات بالجحفة محرماً وخمر رأسه ووجهه وقال : لولا أنا حرم لطيبناه .
قال مالك : وإنما يعمل الرجل ما دام حياً فإذا مات فقد انقضى العمل .أ . هـ .قلت قول مالك هذا يرده الحديث الثابت في الباب وتعليل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً "ولهذا قال ابن القيم في الهدي ( 2/245 ) على فوائد القصة وأحكامها الحكم الثاني عشر : بقاء الإحرام بعد الموت وأنه لا ينقطع به وهذا مذهب عثمان وعلي وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم وبه قال أحمد والشافعي وإسحاق وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي فينقطع الإحرام بالموت وصنع به كما يصنع بالحلال لقوله عليه الصلاة والسلام " إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث " قالوا " ولا دليل في حديث الذي وقصته راحلته لأنه خاص به كما قالوا في صلاته على النجاشي إنها مختصة به وقال الجمهور دعوى التخصيص على خلاف الأصل فلا تقبل وقوله في الحديث " فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً " إشارة إلى العلة . أ . هـ .
ثم قال ابن القيم قبل ذلك الحكم الحادي عشر : منع المحرم من تغطية وجهه وقد اختلف في هذا المسألة فذهب الشافعي وأحمد فـي رواية إباحته ومذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد ( 1 ) في رواية المنع منه وبإباحته قال ستة من الصحابة عثمان وعبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت والزبير ( 2) وسعد بن أبي وقاص وجابر رضي الله عنهم وفيه قول ثالث شاذ إن كان حياً فله تغطية وجهه وإن كان ميتاً لم يجز تغطية وجهه قاله ابن حزم وهو اللائق بظاهريته واحتج المبيحون بأقوال هؤلاء الصحابة وبأصل الإباحة وبمفهوم قوله " ولا تخمروا رأسه " وأجابوا عن قوله " ولا تخمروا وجهه " بأن هذه اللفظة غير محفوظة قال شعبة : حدثنيه أبو بشر ثم سألته عنه بعد عشر سنين فجاء بالحديث إلا أنه قال : ولا تخمروا رأسه قالوا وهذا يدل على ضعفها قال وقد روي في هذا الحديث فخمروا وجهه ولا تخمروا رأسه أ .هـ . وأنظر تهذيب السنن له (4/352) .

وقال النووي رحمه الله في المجموع ( 7/280 ) ( فرع ) مذهبنا أنه يجوز للرجل المحرم ستر وجهه ولا فدية عليه وبه قال جمهور العلماء وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز كرأسه واحتج لهما بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم الذي خر من بعيره " ولا تخمروا وجهه ولا رأسه " رواه مسلم وعن ابن عمر أنه كان يقول " ما فوق الذقن من الرأس فلا يخمره المحرم " رواه مالك والبيهقي وهو صحيح عنه .
واحتج أصحابنا برواية الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه " أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم حرم " وهذا إسناد صحيح وكذلك رواه البيهقي ولكن القاسم لم يدرك عثمان وأدرك مروان واختلفوا في مكان إدراكه زيداً وروى مالك والبيهقي بالإسناد الصحيح عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : " رأيت عثمان بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان " ( والجواب ) عن حديث ابن عباس أنه إنما نهى عن تغطية وجهه لصيانة رأسه لا لقصد كشف وجهه فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه ولا بد من تأويله لأن مالكاً وأبا حنيفة يقولان : لا يمتنع من ستر رأس الميت ووجهه والشافعـي وموافقوه يقولون : يباح ستر الوجه دون الرأس فتعين تأويل الحديث ( وأما ) قول ابن عمر فمعارض بفعل عثمان وموافقيه والله أعلم ) .
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح ( 4/54 ) وقوله " يبعث ملبياً " أي على هيئته التي مات عليها واستدل بذلك على بقاء إحرامه خلافاً للمالكية والحنفية وقد تمسكوا من هذا الحديث بلفظة اختلف في ثبوتها وهي قوله " ولا تخمروا وجهه " فقالوا : لا يجوز للمحرم تغطية وجهه مع أنهم لا يقولون بظاهر هذا الحديث فيمن مات محرماً وأما الجمهور فأخذوا بظاهر الحديث وقالوا : إن في ثبوت ذكر الوجه مقالاً وتردد ابن المندر في صحته قال البيهقي : ذكر الوجه غريب وهو وهم من بعض رواته وفي كل ذلك نظر فإن الحديث ظاهره الصحة ولفظة عند مسلم من طريق إسرائيل عن منصور وأبي الزبير كلاهما عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكر الحديث قال منصور " ولا تغطوا وجهه " وقال أبو الزبير" ولا تكشفوا وجهه " وأخرجه النسائي من طريق عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير بلفظ " ولا تخمروا وجهه ولا رأسه " وأخرج مسلم أيضاً من حديث شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير بلفظ " ولا يمس طيباً خارج رأسه " قال شعبة ثم حدثني به بعد ذلك فقال خارج رأسه ووجهه انتهى .
وهذا الرواية تتعلق بالتطيب لا بالكشف والتغطية وشعبة أحفظ من كل من روى هذا الحديث .. أ .هـ من الفتح .

قلت : هذا على لفظ مسلم وفيه تقديم وتأخير و إلا فسياق النسائي وغيره يدفع كلام الحافظ من أصله وهو صريح وقول الحافظ وشعبة أحفظ .. إن أراد أصل الحديث فلا وإن أراد طريق أبي بشر فنعم فكان ماذا وجل أصحاب سعيد لا يذكرونها ؟!
والذي يتحرر لي جواز التغطية للوجه من حاجة كحر أو غبار أو نحو ذلك وقد جاء هذا عن بعض الصحابة وحكي مذهب الجمهور بلا تقييد كما تقدم فأما من غير حاجة فتوقيه أفضل وأحوط وهذا نوع من الجمع بين الآثار والحديث على مافي الزيادة من كلام كما تبين لك .
هذا من ناحية أما من ناحية إيجاب الفدية في تغطية الوجه فلا أرى ذلك أصلاً فلا تشـــغل ذمة مسلم بحديث هذا حاله( 1 )
حديث عائشة فيه في قولها (كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم) يعني أنها طيبت النبي عليه الصلاة السلام بيديها لإحرامه يعني أن الطيب عند عقد الإحرام سنة لأنها قالت لإحرامه: أي لأجل إحرامه قبل أن يحرم يعني قبل أن يدخل في النسك (ولحله): أي بعد إحرامه (قبل أن يطوف في البيت) بعد أن رمى ثم ذبح ثم حلق طيبته ويأتي الخلاف متى يحصل التحلل الأول في أخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
في الحديث سنية التطيب عند الإحرام وهل يكون الطيب في البدن والثياب؟ قال بعض أهل العلم: نعم والإجابة عن حديث (ولا تلبسوا شيئاً من الثياب مسه الزعفران أو الورس) الذي ذكره المؤلف سابقاً فهذا في الابتداء فالمحرم ممنوع من ابتداء الثياب الملبوسة المطيبة أما استدامة الثوب المطيب فإنه لا بأس وعندنا قاعدة أن أحكام الاستدامة أقوى من أحكام الابتداء فقد يجوز استدامة الشيء ولكن لا يجوز ابتداؤه. هذا المحرم لـه أن يراجع زوجته إذا طلقها لأن المراجعة من قبيل الاستدامة وليس من باب الابتداء لأنها فرع عن النكاح كما قال تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) فهو بعل لا يزال بعلاً في مدة العدة وأما النكاح ابتداءً فإنه ممنوع كما سيأتي في الحديث الذي يليه.
هذا على القول بأن الإزار والرداء يطيبان ولكن القول الصحيح أن الإزار والرداء لا يطيبان وأن هذا الطيب في البدن على القول الراجح وأن المحرم يتطيب في بدنه ورأسه ولحيته ولكن لا يلبس ثوباً مسه طيب سواء كان لابساً له قبل الإحرام أو بعد الإحرام على القول الراجح في المسألة ومنهم من أجاز أن يكون ابتدأه مطيباً فإذا خلعه أو أراد لبسه مرة ثانية فإنه ليس لـه ذلك ولكن هذا القول ضعيف وهذا هو الصحيح في المسألة أن الطيب يكون في البدن وعلى هذا من طيب ثوبه أو رداءه قبل الإحرام فإنه يجب عليه أن يغسله أو يستبدله.
وفيه من الفوائد استدامة الطيب تبقى وفي الحديث الآخر عنها قالت (كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله مفرق الرأس) كان يفرق رأسه من وسط الرأس فكان يضع مسكاً كثيراً عليه السلام لأن المسك أطيب الطيب وكانت تقول (كان يسيل على إحدانا) فلا ينكره النبي فاستدامة الطيب في البدن جائزة.
فإن قال قائل من المعلوم أن الطيب إذا كان كثيراً في الرأس واللحية فإنه سيعلق باليدين بسبب الحك أو بسبب الوضوء وما أشبه ذلك؟
نقول : انتقال الطيب في البدن له ثلاثة أحوال:
1- أن يتعمد نقله إلى بقعة أخرى من البدن لتتسع مساحة الطيب وهذا ما يجوز وحكمه حكم المتطيب بعد الإحرام.
2- أن يسيل الطيب بنفسه لأجل الحر أو ما أشبه ذلك فيسيل من اللحية على الصدر مثلاً فهذا لا بأس به وجاء به النص.
3- أن ينتقل الطيب بمقتضى ما يسوغ شرعاً (كالوضوء) فمسح رأسه ثم غسل رجليه فانتقل الطيب لهما فهذا بمقتضى أمر الشارع بالوضوء , وكذلك انتقل بما يسوغ عادة كحك رأسه فيعلق بيده فلا بأس وفيه أن التطيب عند التحلل الأول سنة قد يغفل عنها كثير من الناس فإذا رمى وحلق فإنه يتطيب وهذا سنة وقد كان النبي يتطيب وهي عبرت بقولها (كنت) مع أن هذا لم يقع منها إلا مرة واحدة والأصل في لفظ (كان، يكون، كنت) أنها تدل على الشيء الأغلبي لا الشيء الدائم ولا على الشيء الذي يقع مرة أو مرتين ما لم يقيد بقرائن وهنا مقيد بالواقع.

بواسطة : rasl_essaher
 0  0  487