التّوائم الأربعة
هنّ توائم أربعة منحوتة بعناية إلهيّة ليكنّ أربع فتيات صغيرات بوجوه ملائكيّة وشعر شوكيّ كورود الصّحراء وعيون عشبيّة اللّون مثل ماء بركة رومانيّة في أصبوحة مطر.هنّ توائم متشابهة لا يستطيع أيّ بشر أن يميّز إحداهنّ عن الأخرى،وحدها أمّهن (باسلة)هي من تميّز-بصعوبة- إحداهنّ عن الأخرى،وتخصّص لوناً واحداً ثابتاً لكلّ واحدة كي يستطيع الآخرون تمييزها عن أخواتها.
هي تجبرهنّ على أن يلزمن ألوانهنّ المميزة في لباسهنّ،إلاّ أنّها عجزتْ عن أن تقنعهنّ بذلك في هذه المرّة،إذ صمّمن على أن يبتعن أثواباً متشابهة ذات لون واحد،وهو اللّون الأبيض،ليلبسن هذه الأثواب المتشابهة في زفاف خالهنّ (إبراهيم) الذي سيكون بعد عيد الفطر المبارك.
أمام إصرارهنّ اضطرّت الأمّ (باسلة) إلى أن تستسلم لرغبتهن الجامحة التي لا تستطيع أن تصمد أمام رفضها ما دمن قد تحالفن ضدّها في سبيل تحقيق هذه الرّغبة.
اشترت لهنّ الأثواب التي رفضن خلعها،وصمّمن على أن يعدن إلى البيت وهنّ مرتديات أثوابهنّ فرحاً واختيالاً بها أمام أترابهنّ من بنات الجيران والأقارب،فاستسلمت الأمّ من جديد لرغبتهن المسيطرة،وتركتهنّ عهدة عند عاملة البيع في متجر الملابس حتى تشتري بعض الخضار من السّوق المجاور،وتعود مسرعة إليهنّ لتصحبهنّ إلى البيت،إلاّ أنّ قذيفة صهيونيّة انهالتْ على سوق الملابس على حين غرّة،فأحالته إلى جحيم مستعر.
عادتْ (باسلة) مشدوهة إلى الأرض المحروقة عن بكرة أبيها،وهي من كانت قبل دقائق سوقاً وبشراً وبضائع،لم تجد (باسلة) من بناتها سوى مزق ملابس كانت بيضاء،وخليطاً من لحم آدمي معجون من أجساد بناتها التّوائم الأربع.
شرعت تلمّ اللّحم المتناثر،وتحوشه في صدرها بعد أن عجزتْ - لأوّل مرّة في حياتها -عن أن تميّز بين بناتها التّوائم الأربع!